هذا الإشكال بأن هذه الخلايا الخاصة مع أنّها تسمى في عرف علماء العلوم الطبيعية بالكائنات الحية ، ولكنها لا تجدر بهذه التسمية في العرف العام للناس واللغة ، لأنّ أياً من آثار الحياة والعيش لا تظهر عليها (١).
والأفضل أن نقول : إنّ المراد بخروج الكائن الحي من الميت لا يعدو أحد المعنيين التاليين :
الأول : هو بالرغم من أنّ الكائنات الحية في الظروف الحالية تخرج دائماً من البذور والحبوب والنطف الحية ، ولكن لا شك أنّ الأمر لم يكن كذلك في البداية ، لأنّ الكرة الأرضية عندما انفصلت عن الشمس كانت عبارة عن كتلة من نار ، ولم يكن عليها أي كائن حي ، ثم ظهرت أول الكائنات الحية من الكائنات غير الحية ضمن ظروف لا علم لنا بها اليوم وبأمر الله بعد سلسلة من القوانين البالغة في التعقيد.
والفرضية القائلة : إنّ من الممكن للحياة أن تكون قد انتقلت من الكواكب الاخرى إلى الكرة الأرضية بواسطة القطع والأجرام السماوية والتي يُصّر البعض عليها ، لا تستطيع أن تحل لنا أية مشكلة ، لأنّ الإشكال يصدق على تلك الكواكب أيضاً ، فهي ولا شك كانت في البداية كتلاً محترقة ، ولايستطيع أى كائن حي أن يتحمل تلك الظروف.
الثاني : هو أنّ البذور والحبوب والنطف الأولى لم تكن إلّاموجودات صغيرة جدّاً لكنّها نمت وتطورت عن طريق تغذيتها على المواد الغذائية غير الحية وهي في الحقيقة تجذب إليها الموجودات غير الحية وتحولها إلى حية ، وعليه فإنّ آلاف الآلاف وملايين الملايين من الخلايا الحية قد ظهرت من الموجودات الميتة ، وعن هذا يقال : إنّ الله يخرج الميت من الحي ويخرج الحي من الميت.
والبعض قالوا : إنّ المراد بهذا التعبير ولادة «الكافر» من «المؤمن» و «المؤمن» من «الكافر» ، أو ولادة الجنين السقط من الإنسان الحي ، وولادة الطفل الحي من الام التي تموت فجأة ولا يزال الطفل حياً في بطنها.
__________________
(١) تفسير المراغي ، ج ٧ ، ص ١٩٧ ؛ وتفسير المنار ، ج ٧ ، ص ٦٣١.