وأخيراً وفي الآية العاشرة والأخيرة يطرح الله قضية حياة النباتات ، وهو وجهٌ مشرق ، جميل ومليء بالأسرار من وجوه الحياة ، ويعرض على البشر صورة الأراضي الميتة كيف يُلبس هذه الصحارى اليابسة الفاقدة للحياة لباسَ الحياة بزخة مطر واحدة أو عدة زخات ، فتتصاعد من كل جانب من جوانبها أنغام الحياة فتتجلى ساحة البعث والنشور في هذه البقعة.
وَيضيف في آخر الآية : (إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ، يسمعون انغام تحميد وتسبيح النباتات ويصغون بآذان قلوبهم لهمسات التوحيد من كل نبات يخرج من الأرض ويردد ذكر «وحده لا شريك له» : (انَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ).
* * *
توضيحان
١ ـ لغز الحياة الكبير
كشف تطور العلم والمعرفة البشرية النقابَ عن الكثير من الحقائق ، وأوضح العديد من قضايا هذا العالم الكبير ، ولكن كما أشرنا فعلى الرغم من ذلك فما زالت هنالك الكثير من الألغاز تواجه الإنسان ، وأحد أهم هذه الألغاز هو لغز الحياة ، القضية التي لم يُمَط اللثام عن وجهها لحد الآن رغم جهود ومساعي آلاف الّآلاف من العلماء والعقول المفكرة على مرّ التاريخ البشري ، وما زالت مستترة خلف ستار من الابهام.
واللطيف أن القرآن الكريم خاطب المشركين قبل أربعة عشر قرناً قائلاً : (يَا ايُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوْا لَهُ إِنَّ الَّذِيْنَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَو اجْتَمَعُوا لَهُ وإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيئاً لَّايَسْتَنْقِذُوْهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).
المثير أنّ عجز البشر اليوم عن خلق الذبابة بمقدار عجزه قبل أربعة عشر قرناً ، وعجزه أزاء هجوم الذباب والجراد وبقية الحشرات يصل إلى درجة عدم جدوى كل ما يستخدم من أجهزة التسميم والمكافحة الحديثة.