٢ ـ هل بامكان الإنسان صناعة كائن حي؟
لا شك أنّ الكائنات الحية وجدت في البداية من كائنات غير حية ، سواء حدث هذا الأمر على الكرة الأرضية أو على الكواكب السماوية الأخرى ، ولكن تحت أي ظروف؟ ووفقاً لأي معادلة حدثت هذه الطفرة العظيمة؟ إنّ هذا الأمر بقى مجهولاً لحد الآن ولم يتسن لأحد معرفته ، طبعاً أنّ البعض من العلماء يأملون بأنّهم سوف يكتشفون هذه المعادلة وهذه الظروف ، ويقولون : لعلنا في النتيجة نستطيع أن نصنع خلايا حية من مركبات غير حية.
لا أحد يعلم جدوى ومنطقية هذا الأمل؟ وهل سيتحقق مثل هذا الأمل عملياً في نهاية المطاف أم لا؟ وعلى فرض أنّ الإنسان سيكتشف ظروف بداية الحياة ومعادلتها وسوف يستطيع صناعة خلايا حية في داخل المختبرات ، ولكن يجب أن لا ننسى أن :
أولاً : إنّ هذا العمل حين يأتي عن طريق تقليد عالم الخلقة وتركيب المواد المختلفة مع بعضها لن يكون سوى ما يشبه الصناعات التجميعية التقليدية.
ثانياً : على فرض أنّ مشكلة صناعة الخلية الحية سوف تُحل ، ولكن تبقى هنالك مشكلة الكائنات المعقدة متعددة الخلايا ، كبنية الذبابة أو الجرادة أو الطائر أو الأسماك الكبيرة وأخيراً الإنسان ، فمن الذي يستطيع أن يوجد مثل ما ذكرنا عن طريق الصناعة؟
يقول أحد العلماء وهو «البروفسور هانز» : سوف يصل الإنسان بعد ألف سنة إلى سر الحياة ، ولكن هذا لا يعني أنّه سيستطيع صناعة ذبابة أو حشرة أخرى أو حتى خلية حية.
ثالثا : لنفترض أننا ضمنّا مثل هذه الأهداف بمعونة الهبة الإلهيّة المسماة بالعقل ، وتطورت العلوم وتقليد قوانين الطبيعة ، لكن هذا لن يكون له أدنى تأثير على ما نحن بصدد الوصول إليه ، لأنّه إن كان بالإمكان إيجاد خلية حية واحدة باستخدام كل هذه النماذج الموجودة والمواد الطبيعية الجاهزة يحتاج إلى كل هذا العلم والمعرفة ، فما مقدار العلم والمعرفة اللازمة لخلق أنواع متعددة من الموجودات الحية بلا نموذج أو مواد سابقة؟ هل يمكن أن نعتبر للطبيعة الجامدة الفاقدة للشعور والعقل دوراً في خلق هذه الموجودات؟