(قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَاتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). (الزمر / ٥٣)
فبعث بها إليهم فلمّا قرأوها دخل هو وأصحابه في الإسلام ورجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقبل منهم ...» (١).
على أيّة حال فإنّ الآية كما يقول كثير من المفسّرين ـ هي إحدى الآيات القرآنية التي تبعث روح الأمل حيث تقول : إنَّ الإنسان إذا خرج من الدنيا بإيمانه فإنّه سوف لا ييأس من رحمة الله ، ولكن إذا خرج بلا إيمان أي في حالة شرك فإنّه لا سبيل له إلى النجاة.
* * *
الآية الثانية تتحدّث عن مضمون الآية السابقة ذاته مع فارق هو أنّها تقول في ذيلها :
(وَمَنْ يُشرِك بِالله فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعيداً) ، والكلام في الآية السابقة دار حول الإثم العظيم وأمّا هنا فهو يدور حول الضلال البعيد ، وهذان أمران متلازمان إذ أنّ الذنب كلّما كان أعظم فإنّه يبعّد الإنسان أكثر ويزيده ضلالاً.
والآية السابقة لاحظت الجانب العلمي والعقائدي من الشرك وهنا لاحظت الآثار العملية له ، ومن الأكيد أنّ هذه الآثار تنشأ من تلك الجذور.
* * *
الآية الثالثة تحمل أوضح التعابير وأقساها عن عاقبة الشرك والانحراف عن التوحيد حيث تخاطب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله : (لقد اوحِىَ اليكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِن أَشْركتَ لَيَحبطنَّ عَملُكَ وَلَتَكُوننَّ مِنَ الخاسِرينَ).
ومن الثابت أنّ رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله وكلّ نبي من الأنبياء ، لم يسلكوا ـ لعصمتهم ـ طريق الشرك أبداً ، إلّاأنّ الآية ومن أجل بيان أهميّة المسألة ولكي يحسب الآخرون حسابهم
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٥٦.