الجنّة محرَّمة على المشركين :
الآية السابعة تشير بتعبير جديد إلى خطر الشرك ، حيث تنقل عن السيّد المسيحعليهالسلام خطابه إلى بني اسرائيل : (إِنَّهُ مَنْ يُشرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَليهِ الجَنّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ).
وفي الجملة الاولى يلاحظ ذكر لفظ الجلالة كما يلاحظ تكرارها في الجملة الثانية : (فَقَد حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجنّةَ) ، وهي تقتضي استعمال الضمير ، وذلك للتأكيد على أهميّة المسألة.
وتضيف الآية في ذيلها : (وَمَا لِلظّالِمينَ منْ أَنصارٍ).
وهذا دليل آخر على ظلم المشركين وليس لأحد الجرأة في الدفاع عنهم يوم القيامة.
* * *
الله بريء من المشركين :
نواجه في الآية الثامنة قضيّة جديدة بهذا الصدد حيث تخاطب المؤمنين : (يَاايُّها الَّذِينَ آمَنوا انَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ) ثمّ تقول : (فَلَا يَقرَبوا المَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعدَ عَامِهِم هَذَا).
وتتضمّن الآية التأكيد على عدّة جهات :
(الأول :) أنّها استعملت (إنّما) والتي تدلّ على الحصر ، ومفهومها أنّ المشركين ليسوا إلّا موجودات فاسدة ونجسة وفي ذلك أكبر تأكيد ومبالغة ،
والثاني : أنّ (نَجَسْ) يتضمّن معنى المصدر ، أي أنّ المشركين هم عين النجاسة! كما يقال فلان عين العدل ، وهذا غاية في المبالغة (١).
والثالث : أنّها لم تقل : «فلا يُدْخُلُوا المَسجِدَ الحَرامَ» بل (فلا يقربوا) بمعنى أنّ المشركين من القذارة ما يخشى على هذا المكان المقدّس أن يتعرّض لها عند اقترابهم منه!
* * *
__________________
(١) «نَجسْ» مصدر و «نجِس» صفة وهذه الكلمة كما يقول الراغب في المفردات :
النجاسة : القذارة وذلك ضربان : ضرب يدرك بالحاسّة وضرب يدرك بالبصيرة (المفردات مادّة (نجس) ، ص ٥٠٣) وفي التفسير مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٢٠ كلّ مستقذر نجس ، يقال : رجل نجس وامرأة نجس ، المجمع.