مُّبِينٌ) وتضيف : (أَن لَّاتَعْبُدوا إِلَّا اللهَ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ).
وتكرار هذا الكلام من قبل الأنبياء من لدن نوح وحتّى رسول الإسلام الأكرم صلىاللهعليهوآله دليل على أنّ السنام الأعلى في دعوة الأنبياء ، هو قضيّة التوحيد ومقارعة الشرك وهو القاسم المشترك بين الديانات السماوية ، ولذا نقرأ في قوله تعالى : (قُل يَا أهْلَ الكِتَابِ تَعَالوا إِلَى كَلِمةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنا وَبَينَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشرِكَ بهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّنْ دُونِ اللهِ). (آل عمران / ٦٤)
وهذا أصل ثابت لم يتغيّر بمرور الزمان ولم يكن أمراً وقتياً ، بل هو الأساس الثابت في الديانات السماوية كلّها ، وكلّ ما يتعرّض له أهل الديانات المختلفة من مآسٍ ، ناشيء من الانحراف عن هذا الأصل.
* * *
وفي الآية الثالثة عشرة تعبير جديد عن هذا المعنى وتلخّص دعوة الأنبياء عليهمالسلام باستخدام الأداة (إنّما) الدالّة على الحصر في قضيّة التوحيد حيث تقول : (قُلْ انَّمَا يُوحى اليَّ انّمَا الهُكُم إِلهٌ وَاحِدٌ فَهَل انتُم مُّسلِمُونَ).
إبراهيم عليهالسلام الأسوة الحسنة في مقارعة الشرك :
الآية الرابعة عشرة تذكر هذا المضمون في قالب جميل آخر حيث تعرّف النبي إبراهيمعليهالسلام المقدام والمكسِّر للأصنام بالقدوة في الدفاع عن قضيّة التوحيد ومحاربة الشرك محاربة لا هوادة فيها حيث قالت : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) ، ثمّ تقدّم توضيحاً عن الاسوة الحسنة هذه بقوله تعالى : (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ ...) ، وأضافت ـ للتأكيد المكرر ـ (كَفَرْنَا بِكُمْ ...).