١ ـ شهادة الفطرة على وحدانية الله (عزوجل)
تمهيد :
ذكرنا في مستهلّ هذا الجزء وفي بحث «استخدام برهان الفطرة في مسألة معرفة الله» أنّ هذا البرهان يمكن أن يكون نافعاً ومرشداً في البحث عن صفات الله ، بل وفي مسألة النبوّة والمعاد ، ولهذا لنا عهد عملي مع هذا البرهان حيث نراجعه في أغلب المباحث.
وفي بحث وحدانية ذات الله وصفاته يمكن أن يكون هذا البرهان مفيداً ، أي أنّنا وفي أعماق الروح والقلب لا نسمع نداء وجوده فحسب بل لا يوجد في أعماق الروح نداء آخر.
فعندما تبلغ المشكلات والإبتلاءات ذروتها وحينما توصد أبواب عالم الأسباب أمامنا يقرع أسماعنا هدير التوحيد في أعماق وجودنا ويدعونا إلى (المبدأ الواحد) ذي القدرة التي تفوق المشكلات وتتجاوز عالم الأسباب كلّه.
وهناك آيات قرآنية عديدة تشير إلى هذا المضمون ، وبما أنّنا ذكرنا بعض هذه الآيات بصورة مفصّلة في بحث (إثبات وجود الله) فسنشير إليها هنا باختصار ونمعن خاشعين في عدد من الآيات :
١ ـ (فَإِذَا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البِرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ). (العنكبوت / ٦٥)
٢ ـ (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمةً إِذا فَريقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ). (الروم / ٣)
٣ ـ (قُلْ أَرَأَيْتَكُم إِنْ اتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ أَوْ اتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ