صَادِقِينَ* بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيهِ ان شَاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ). (الأنعام / ٤٠ ـ ٤١)
٤ ـ (وَمَا بِكُمْ مِّنْ نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ* ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُرَّ عَنْكُمْ اذَا فَرِيقٌ مِّنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ). (النحل / ٥٣ ـ ٥٤)
٥ ـ (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِّنْ ظُلُماتِ البَرِّ والبَحرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وخُفْيَةً لَّئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ* قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ). (الأنعام / ٦٣ ـ ٦٤)
جمع الآيات وتفسيرها
حينما يشرق نور التوحيد :
بما أنّ تفسير الآية الاولى والثانية قد مرَّ في مقدّمة الكتاب خلال بحث الاستدلال على معرفة الله عن طريق الفطرة فإنّا نذكرهما باختصار.
الآية الاولى تتحدّث عن أشخاص يدعون الله سبحانه باخلاص عند ركوب السفينة ، والآية الثانية تطرح القضيّة بصورة عامّة وتتحدّث عن أشخاص يدعون الله عند مواجهة ضَنَك الحياة وتحيط بهم أمواج المشكلات فيتركون الأصنام التي نحتوها ويَلجأون إلى ظلال لطفه ، ولكن بعد إذاقتهم حلاوة رحمته تسلك جماعة منهم طريق الشرك مرّة اخرى ، ومن الملاحظ أنّ في الآيتين تركيزاً على الإخلاص والإنابة حيث يتمسّك بهما أغلب الناس عند هبوب عواصف الأحداث إضافةً إلى التركيز على حالة الرجوع إلى الشرك لدى جماعة كبيرة بعد سكون هذه العواصف.
وبهذا يشير القرآن الكريم إلى أنّ معرفة الله من مكنونات الفطرة الإنسانية وهكذا التوحيد في العبادة ، ويعتبر الشرك ظاهرة تنشأ من الحياة المترفة ، ومن خلال دراسة سطحية وعابرة لعالم الأسباب ، وعند تغيّر الظروف الإعتيادية للحياة وظهور عدم فاعلية عالم الأسباب يقوم الإنسان بقطع أمله منها وتبرز فطرة عبادة الواحد من وراء سحب العادات المعاشة والغفلة.