الظاهر هو الإحتفاظ بالمعنى الرئيس للجملة وتفسيرهم هذا يلازمه (المعنى الرئيس للجملة هو : هل شاهدتم؟ هل فكّرتم؟) (١).
على أيّة حال فإنّ القرآن في هذه الآيات يُلزم المشركين بأعمالهم ويحاججهم بها.
* * *
اللجوء إلى الله في الشدائد :
الآية الرابعة تطرح هذه القضيّة في قالب جميل آخر فتقول : (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) ، فماذا صنعت لكم الأصنام ومعبوداتكم المزيّفة؟ وأي رزق بَسَطتهُ لكم وأيّة هدية وهبتها لكم؟
هذه الأصنام التي تحتاج إليكم في صنعها وبقائها (حيث يجب أن تنحتوها وتحافظوا عليها) أيّة بركة وموهبة وهبتها لكم؟
وتضيف الآية : (ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُرُّ فَإِلَيهِ تَجْئَرُونَ).
«تجأرون» : من مادّة (جُئار) وتعني في الأصل أصوات الوحوش والحيوانات في الصحارى دون اختيار منها عندما تحس بالألم ، ثمّ استعملت كناية عن الأنين والإستغاثة والصرخة التي تصدر من الإنسان حينما يواجه المشكلات.
يقول الراغب في مفرداته :
ومن الواضح أنّ الإنسان يرجع إلى فطرته في هذه الحالة وتتكسّر القيود والسلاسل المفتعلة وتنهار الأبنية الوهمية ويبقى الإنسان مع فطرته ، الإنسان ووجدانه الصريح ويتّجه صوب نقطة واحدة ، نعم نقطة واحدة نسمّيها (الله) عزوجل.
انتبهوا إلى جملة (إليه تجئرون) فهي تتضمّن معنى الحصر والدلالة على الوحدانية ، أي أنّكم تتوسّلون إليه فقط وتطلبون منه حلّ مشاكلكم.
وتضيف : (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) ، وفي التعبير
__________________
(١) الاولى تعني الرؤية بالعين المجرّدة والثانية تعني الرؤية القلبية.