٢ ـ برهان التغير والحركة
تمهيد :
إنَّ عالمنا الذي نعيش فيه هو في حالة تغيير وتغيّر دائم ، فلا يبقى الوجود على حالة واحدة ، وكلّ شيء يعيش حالة من التغيّر والتغيير.
ويبدو أنّ نطاق حياة البشر والحيوانات والنباتات المقترنة بالتغيير والحركة أوسع وليس بوسع أحد أن ينكر هذا التغيير والتبدّل على صعيد نفس الإنسان أو على صعيد عالم المادّة ، فالإنسان يواجه مشاهد مختلفة من هذا التغيير ليلاً ونهاراً ، بل إنّ ظاهرتي (الليل والنهار) هما من أوضح النماذج عن التغيير والتبدّل في العالم.
هذه التغيّرات والتغييرات والحركات التي تحكم العالم تدلّ بوضوح على وجود مركز ثابت تنشأ منه ، وكأنّ الجميع يدور حول هذا المركز الثابت على محيط دائرة.
والتغيير والحركة في الموجودات يعدان بمثابة شاهد على حدوث الموجودات ، كما أنّ حدوثها دليل على وجود خالقها.
هذا الاستدلال ـ الذي سَيرِدُ شرحُهُ بالتفصيل مستقبلاً ـ ورد في الآيات القرآنية بلطافة خاصّة ، وبهذه الإشارة نرجع إلى القرآن الكريم كي نقرأ هذه الآيات :
(وَكَذَلِكَ نُرِى إِبرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ* فَلَمَّا جَنَّ عَلَيهِ اللَّيلُ رَءَا كَوكَباً قَالَ هَذَا رَبِّى فَلَّمَا أَفَلَ قَالَ لَاأُحِبُّ الآفِلِينَ* فَلَمَّا رَءَا القَمَر بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبّى فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَّم يَهْدِنِى رَبِّى لَأَكُونَنَّ مِنَ القَومِ الضالِّينَ* فَلَمَّا رَءَا الشَّمسَ بَازِغةً قَالَ هَذَا رَبِّى هَذَا أَكبَرُ فَلمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَومِ إِنِّى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ* إِنِّى وَجَّهتُ وَجْهِىَ لِلَّذِىْ فَطَرَ السَمَاواتِ والأَرضَ حَنيفاً وَمَا أَنا مِنَ المُشرِكِينَ). (الأنعام / ٧٥ ـ ٧٩)