وباختصار فإنّ أرباب اللغة قاطبة وجمع كبير من المفسّرين اعتبروا (اله) بمعنى المعبود وهو الغالب في موارد استعماله ، وحينما نلاحظ أنّ (اله) قد استعمل في بعض الحالات بمعنى الخالق أو المدبّر لعالم الوجود فهو لوجود ملازمة ـ في بعض الحالات ـ بين هذه المعاني وبين المعبود ، ولا يكون الاستعمال في بعض الموارد دليلاً على الحقيقة أبداً ، وخاصّة مع تصريح اللغويين على خلاف ذلك ، وموارد الاستعمال شاهدة على ذلك أيضاً.
ويمكن القول : أنّ جملة (لا إله إلّاالله) لا تنسجم مع هذا المعنى وذلك لوجود معبودات غير الله الواحد بين العرب والأقوام الاخرى ، ولكن الإجابة على هذا السؤال واضحة لأنّ المراد هو المعبود الحقّ لا المعبودات بالباطل ، أي : لا معبود حقّاً غير (الله) ، والأصنام ليست أهلاً للعبادة ، وقرائن هذا المعنى موجودة في هذه الجملة ، كقولنا : لا علم إلّاما نفع.
هناك ملاحظة جديرة بالتدقيق وهي أنّ البعض اعتبر (إله) من (وله) وتعني (تحيّر) وفيها إشارة إلى الذات التي تحيّرت فيها العقول ، بَيدَ أنّ المشهور بين اللغويين هو المعنى الأوّل أي أنّه من مادّة (ألَهَ) بمعنى العبادة.
وقد توضح ممّا ذكرنا أنّ إصرار البعض على أنّ (اله) لا يعني (معبود) غير مقبول أبداً.
جمع الآيات وتفسيرها
مظاهر التنسيق :
تقول الآية الاولى بعد الإشارة إلى خلق السماوات : (مَا تَرى فى خَلْقِ الرَّحمنِ مِنْ تَفاوُتٍ).
إنَّ هذا العالم الواسع بكلّ ما يتضمّنه من عظمة فهو متناسق ومنسجم ومترابط ومتّحد ومنظّم ، وإنّ وجود الاختلاف في اللون والشكل والوزن وسائر الكيفيات الظاهرية والباطنية أو الكمّية أمر طبيعي جدّاً ، ولكن الشيء الذي لا وجود له هو عدم التناسق واللانظم والاختلال.
ولذا تقول الآية في ذيلها : (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ) والمراد من (فَارْجِعِ