٨ ـ القوانين المختلفة التي تحكم الكون مثل ، قانون الجاذبية ، وسرعة النور ، وقانون الحركة وأمثالها توجد بنفسها في كلّ مكان وتتبع منهجاً واحداً ، ولذا فإنّ العلماء وبإجراء تجارب على نموذج واحد أو عدّة نماذج في الأرض اكتشفوا قانوناً شاملاً يحكم عالم الوجود كلّه ، كما نجد أنّ «نيوتن» اكتشف قانون الجاذبية الساري في كلّ المجموعات والمجرّات من رؤية تفاحة تسقط من شجرة!
وباختصار ، كما قرأنا في الآية الاولى من آيات هذا البحث ، أنّنا لا نرى أي اختلاف في خلق الرحمن ولا فطور أو خلل ، وكلّما تقدّم العلم والفكر البشري كلّما تجلّت عظمة هذه الآية وعمقها أكثر فأكثر ، وهذا التناسق والوحدة دليل واضح على وحدة الخالق للعالم.
* * *
٢ ـ إيضاح برهان التمانع
إنَّ برهان التمانع الذي يعبّر عنه بـ (برهان الممانعة) أو (برهان الوحدة والتناسق) يتألّف من مقدّمتين :
الاولى : الإنسجام والوحدة والتناسق في عالم الخلق الذي تقدّم بحثه.
الثانية : لو كانت القوى الحاكمة على هذا الكون قوّتين أو أكثر فإنّ ذلك سيؤدّي إلى حدوث الاختلاف والإختلال ، وبما أنّنا لا نلاحظ أي اختلال أو عدم تعادل في هذا الكون والقوانين الحاكمة فيه ، ندرك أنّها تنشأ من مُبدىء واحد وأنّها مخلوقة ومدبّرة ومنظّمة من خالق واحد.
الآية الاولى من بين الآيات السابقة تشير في الحقيقة إلى المقدّمة الاولى ، والآية الثانية والثالثة تشيران إلى المقدّمة الثانية ، ولذا قد يطلق على هذا البرهان : (برهان الوحدة والتناسق) بالنظر إلى المقدّمة الاولى.
وقد يعبّر عنه بـ (برهان التمانع) بالنظر إلى المقدّمة الثانية ، وبناءً على ذلك فإنّهما يرجعان إلى دليل واحد ، غير أنّ النظر إليه يتمّ من زاويتين مختلفتين.