٣ ـ دليل صرف الوجود
تمهيد :
إنَّ الله سبحانه وتعالى يمثل وجوداً لا نهاية له من كلّ جهة ـ كما سيأتي شرحه لاحقاً ـ ومن المؤكّد أنّ مثل هذا الوجود لا سبيل للإثنينية إليه ، فمن غير الممكن وجود موجودين لا نهائيين ، لأنّ الحديث إذا كان عن الإثنينية فإنّ كلّ واحد يكون فاقداً للوجود الثاني وبتعبير آخر أنّنا نصل إلى حدّ ينتهي فيه الوجود الأوّل ويبدأ وجود الثاني ، وعليه فإنّ الوجود الأوّل محدود وهكذا الوجود الثاني لأنّ كلّ واحد يكون ذا بداية ونهاية ، ولنوضّح هذه القضيّة بمثال :
شخصان يملك كلّ واحد منهما بستاناً ، ومن الطبيعي والحتمي أنّ لكلّ بستان حدوداً معينة ، ولو فرضنا أنّ مساحة البستان الأوّل تشمل كلّ الأرض فأين تكون مساحة البستان الثاني؟ إذن ، سيكون أمامنا بستان واحد في الأرض.
وعليه فإنّ الحديث عن اللامحدود يعني الحديث عن الوحدة.
والمراد من برهان «صرف الوجود» هو أنّ الله سبحانه وجود مطلق ومجرّد عن القيد والشرط وغير محدود ، ولا يفترض الثاني له أبداً.
بهذا التمهيد نتوجّه إلى القرآن الكريم ونستمع خاشعين إلى الآيات التالية :
١ ـ (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لَاإِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزيزُ الحَكِيمُ). (آل عمران / ١٨)
٢ ـ (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ يُحْىِ وَيُميتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدْيرٌ* هُوَ الأَوّلُ