على وحدانية ذاته (فتأمّل جيّداً).
ولا منافاة ـ طبعاً ـ بين التفسيرات الثلاثة ويمكن أن تكمن في مفهوم الآية ، وعليه فإنّ إصرار بعض المفسّرين مثل صاحب (الميزان) في أنّ تفسير الآية ينحصر في المعنى الأوّل (الشهادة اللفظية) مع ملاحظة إطلاق لفظ الآية ممّا لا يوجد دليل واضح عليه.
أمّا السبب في تكرار جملة (لا إله إلّاالله) في الآية ، فالظاهر هو أنّ الأولى بمثابة المقدّمة ، والثانية النتيجة ، ولعلّ في الرواية التي وردت في تفسير القرطبي (المفسّر السنّي المعروف) عن الإمام الصادق عليهالسلام إشارة إلى هذا المعنى حيث يقول فيها : الاولى وصف وتوحيد ، والثانية رسم وتعليم يعني «قولوا لا إله إلّاالله العزيز الحكيم» (١).
* * *
هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن :
الآية الثانية وهي من الآيات الاولى من سورة الحديد ـ ونعلم أنّ هذه الآيات تتضمّن بياناً دقيقاً وظريفاً عن صفات الله الجمالية والجلالية لذوي الأفكار الثاقبة ، كما يستفاد من الحديث الوارد عن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام ـ يقول عزوجل : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ) (٢) ولذلك فإنّ الحياة والموت في قبضته أيضاً : (يُحْى وَيُميتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىءٍ قَدْيرٌ).
وعليه فإنّ المدير والمدبّر لهذا الكون هو ذاته المقدّسة فقط.
وفي ذيل الآية توجد قضيّة يمكن أن تكون دليلاً على التوحيد في مالكيته وحاكميته وتدبيره حيث تقول : (هُوَ الأَوّلُ والآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلّ شَىءٍ عَليمٌ).
في هذه الآية بيان لخمس صفات من صفاته المقدّسة وتدلّ بمجموعها على أنّ ذاته المقدّسة لا نهاية لها ، فهو أوّل كلّ شيء ، وآخر كلّ شيء ، وهو الموجود في الظاهر والباطن،
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٢ ، ص ١٢٨٥.
(٢) لاحظ أنّ في تقديم (له) إشارة إلى الحصر ، ويعني أنّ ملك السماوات والأرض منحصر في ذاته المقدّسة.