وبعبارة اخرى عندما نقول : يوجد ضوءان في الخارج فإنّه إمّا بملاحظة زمانيهما أو مكانيهما أو مصدريهما أو شدّة نوريهما ، ولو تجرّدا من كلّ قيد أو شرط فإنّهما سيكونان واحداً قطعاً (فتأمّل جيّداً).
ولعلّ الآية الكريمة التي تقول : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ الَهاً آخَرَ لَابُرهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّه لَايُفلِحُ الكَافِرُونَ). (المؤمنون / ١١٧)
تشير إلى هذا المعنى حيث لا يمكن الاستدلال على وجود ندٍّ لله سبحانه أبداً ، فكيف يمكن الاستدلال على أمرٍ لا يمكن تصوّره؟
٣ ـ دليل صرف الوجود في الأحاديث الإسلامية
إنَّ البرهان المذكور نقل بقول جميل في رواية عن الإمام السجّاد عليهالسلام حيث قال : «إنّ الله لا يوصف بمحدودية، عظُم ربّنا عن الصفة وكيف يوصف بمحدودية من لا يُحد» (١).
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الرضا عليهالسلام : «هو أجلّ من أن تدركه الأبصار أو يحيط به وهم أو يضبطه عقل» فسأل سائل : فما حدّه؟ فقال عليهالسلام : «إنّه لا يحدّ ، قال : لِمَ؟ قال عليهالسلام : لأنّ كلّ محدود متناه إلى حدّ ، فإذا احتمل التحديد احتمل الزيادة ، وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان ، فهو غير محدود ، ولا متزايد ولا متجزّىء ولا متوهّم» (٢).
* * *
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ١ ، ص ١٠٠ ، باب النهي عن الصفة ، ح ٢.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ١٥ ، ح ١.