٤ ـ دليل الفيض والهداية
(دعوة الأنبياء جميعاً إلى الله الواحد)
تمهيد :
إنَّ الله سبحانه وجود كامل ، ومثل هذا الوجود يكون مصدراً للفيض على الموجودات وكمالها ، فهل يعقل أنَّ مصدر الكمال يحرمُ الموجودات الاخرى من فيضه ولا يعرّفهم ـ على الأقل ـ نفسه؟ مع أنّ هذه المعرفة سبب لرقيّهم وكمالهم يدفعهم نحو ذلك الوجود الكامل والفيّاض.
وعلى ضوء هذا البيان يتّضح أنّه لو كان هناك عدّة آلهة لوجب أن يكون لكلّ إله منهم رسل ، وأن يعرّف نفسه إلى مخلوقاته ، وأن يشملهم بفيضه التكويني والتشريعي.
والنتيجة هي : أنّنا لو وجدنا أنّ الرسل بأجمعهم يخبرون عن إله واحد ، لاتّضح أنّ غيره لا وجود له.
بهذا التمهيد نرجع إلى القرآن الكريم ونمعن خاشعين في الآيات الكريمة التالية :
١ ـ (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِى إِلَيهِ أَنَّهُ لَاإِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).(الأنبياء / ٢٥)
٢ ـ (وَاسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ). (الزخرف / ٤٥)
٣ ـ (قُلْ أَرأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِنْ دوُنِ اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّماواتِ ائْتُونِى بِكِتابٍ مِّنْ قَبلِ هذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُم صَادِقينَ). (الأحقاف / ٤)