تقول : (قُلْ أَرأَيتُم مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّماواتِ).
فلو كانت تلك المعبودات معبودات حقيقيّة فإنّها ينبغي أن تكون مبدأً للفيض ، وعلى الأقل أن تخلق قسماً من الأرض وتساهم في خلق السماوات ، فهل يعقل أن يكون الإله فاقداً للفيض؟
ومن جهة اخرى : أي نبي دعا الناس إلى آلهة متعدّدة؟ : «ائتُونِى بِكِتَابٍ مِنْ قَبلِ هذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُم صادِقينَ».
وهذا التعبير يشير إلى أنّ الأنبياء عليهمالسلام أجمعوا على التوحيد ، وهذا الإجماع أو الاتّفاق دليل واضح على القضيّة ، وبهذا يكون كتاب الخلق دليلاً على التوحيد وكذلك كتب الأنبياء السابقين.
«أثارة من علم» : من مادّة (أثر) ولهذا اللفظ ـ كما في (مقاييس اللغة) ـ ثلاثة معانٍ : التقديم ، الذكر وأثر الشيء.
وقد ورد هذا المضمون في تفسير الفخر الرازي ولكن بتعبير آخر حيث ينقل المعاني الثلاثة لـ (اثار) (١).
توضيحات
١ ـ الفيض والهداية في الروايات الإسلامية
ورد (برهان الهداية والفيض) في الروايات الإسلامية إلى جانب القرآن الكريم ، فقد تحدّث الإمام علي عليهالسلام في وصيّته المعروفة إلى الإمام الحسن عليهالسلام عن هذا البرهان ببيان جميل وواضح حيث قال : «واعلم يابني أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ولكنّه إله واحد كما وصف نفسه» (٢).
__________________
(١) التحقيق في كلمات القرآن الكريم ، مادّة (أثر).
(٢) نهج البلاغة ، الرسالة ٣١.