وفي الختام فإنَّ الآية تعتبر الشرك ناشئاً من الجهل.
ونقل بعض المفسّرين بأنّ عبدة الأصنام كانوا يعتقدون بأنّ الله هو النور الأعظم ، ويعتقدون بأنَّ الملائكة أنوار صغيرة ، وأمّا الأصنام في الأرض فإنّها مظهر للأنوار السماوية تلك ويطلقون عليها (المعبود) وبذلك تكون معبوداتهم أسماءً بدون مسمّى (١).
ولو تغافلنا عن هذا المعنى أيضاً وسلّمنا بأنّ الأصنام هي الآلهة لديهم لا مظاهر لها فإنّها كانت أسماء دون مسمّيات أيضاً ، وذلك لعدم وجود أثر من آثار الالوهية في هذه الأحجار والأخشاب الجامدة.
وقد تضمَّنت الآية الثالثة محتوىً شبيهاً لما في الآية السابقة حيث تقول في ذمّ عبدة الأوثان : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَم يُنَزِّلْ بهِ سُلْطاناً).
وهو في الحقيقة نفي لوجود دليل نقلي ، وتضيف الآية : (ومَا لَيْسَ لَهُمْ بهِ عِلْمٌ) ، وفي ذلك إشارة إلى نفي لوجود دليل عقلي.
وتقول الآية في الخاتمة : (وَما لِلظّالِمينَ مِنْ نَصِيرٍ).
فلا معين لهم على دفع عذاب الله ولا رشد لهم في طريق الهداية ولا ينصرهم الدليل العقلي (ويمكن أن تجتمع التفسيرات الثلاثة في مفهوم الآية).
الاستناد إلى الحدس والتخمين :
تحدّثت الآية الرابعة في أوّلها عن مالكية الله لجميع مَن في السماوات والأرض حيث تقول : (أَلَا إِنَّ للهِ مَنْ فِى السَّماواتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ).
وهذا التعبير يمكن أن يكون إشارة إلى عقيدة المشركين الذين أقرّوا بأنّ المالك والحاكم الأصلي هو الله ، ومع ذلك فإنّهم كانوا يعبدون الأصنام ، كما يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ النظام الواحد لعالم الوجود دليل على أنّ المدبّر الواحد هو الحاكم عليه.
ثمّ تضيف : (وَمَا يَتَّبِعُ الّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ).
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ١٨ ، ص ١٤١.