٤ ـ (وَقَالُوا لَنْ نُّؤمِنَ لَكَ حَتَّى تَفجُرَ لَنَا مِنَ الأَرضِ يَنْبُوعاً* ... أَو تُسقِطَ السَّمَاءَ كَما زَعَمْتَ عَلَينا كِسَفاً أَو تَأتِىَ بِاللهِ والمَلَائِكةِ قَبِيلاً). (الإسراء / ٩٠ ـ ٩٢)
٥ ـ (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأتَيهُمُ اللهُ فِى ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ والمَلائِكَةُ وقُضِىَ الأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ). (البقرة / ٢١٠)
جمع الآيات وتفسيرها
لماذا لا نرى الله؟
إنَّ الآية الاولى نقلت ما قالَهُ الكفّار والمشركون والذي يشير بوضوح إلى امنيتهم في أن يكون الله مثلهم ذا جسم ويمكن النظر إليه حيث تقول : (وَقَالَ الَّذِينَ لَايَرجُونَ لِقَاءَنَا لَولَا أُنزِلَ عَلَينَا المَلَائِكَةُ أَو نَرَى رَبَّنَا).
إنّهم طالبوا برؤية ملائكة الوحي أوّلاً ، ثمّ سوّلَتْ لهم أمانيهم أن يطالبوا برؤية الله ، ويبدو أنّهم لا يقرّون بالإله المجرّد وغير المحسوس ، والظاهر أنّ هذا الكلام كان لرؤوس الشرك وعبدة الأصنام وقد علموا بالحقيقة إلّاأنّه ومن أجل إغفال عامّة الناس الذين يرون كلّ شيء في إطار الحسّ قاموا بطرح هذا الكلام أمام النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لكي يهزموهُ حسب زعمهم ولذا وصفهم القرآن الكريم بأنّهم قوم لا يؤمنون بالقيامة ولا يشعرون بالمسؤولية ، ولهذا تقول الآية في ذيلها : (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِى أَنْفُسِهِم وَعَتَو عُتَوّاً كَبِيراً). وقد ذكر المفسّرون للآية ٢٧ من هذه السورة الفرقان سبباً للنزول يدلّ على أنّ هذه الآيات نزلت في جمع من أئمّة الشرك في قريش.
وذيل الآية يشير أيضاً إلى أنّ مصدر هذه الادّعاءات الضخمة والخاطئة هو ابتلاؤهم بالكبر والغرور أوّلاً وسلوك طريق (العتو) وهو التمرّد المصحوب بالعناد واللجاجة في أمر الله ثانياً ، ولم يختصّ بذلك العرب فحسب ، بل ما زال جمع من علماء عصرنا المغرورين والمتمرّدين المادّيين الذين يعتقدون أنّ كلّ شيء يجب إجراء التجربة عليه ورؤيته في المختبر وبالوسائل الحسيّة ، ويقولون : إنّنا لا نؤمن بالله حتّى نراه جهرة ، وبهذا تكون