عقيدة الشرك والانحراف عن محور التوحيد طيلة تاريخ الأنبياء والامم السالفة ممّا لا يمكن إنكاره ، وأنّ الأقوام المتخلّفة فكرياً وثقافياً ، أو بقيت متخلّفة بفعل إعلام الطغاة ، قد اعتقدوا أنّ الوجود منحصر في المحسوسات وتنتهي الفطرة الإلهيّة بالإله المحسوس وهذا هو أحد العوامل المهمّة في نشوء عقيدة الشرك في التاريخ.
* * *
توضيح
لماذا ألِفوا عالم الحسّ؟!
من الواضح أنّ اصول المعلومات لدى الإنسان بأجمعها تستمدّ من المحسوسات أوّلاً ، لأنّ الإنسان حينما يفتح عينيه يلاحظ عالم المادّة ويتعرّف على عالم المحسوسات والطريق الموصل إلى ما وراء الحسّ ، بل وتصوّر الوجود المجرّد عن الزمان والمكان والمادّة يتمّ بعد الدراسة والتحليل في المسائل الفكرية والعقلية والروحانية ، فلا غرو إذن أن تكون عبادة الأصنام مذهباً للُامم المتخلّفة.
فمن جهة يعلو نداء عبادة الله من باطن فطرتهم وتدعوهم قوى المعرفة الإلهيّة إليه ، ومن جهة اخرى وبسبب مغلوبيتهم أمام عالم الحسّ والمادّة تصعُب عليهم معرفة الله المجرّد عن الزمان والمكان والمادّة ، ولذلك فإنّهم يسيرون في طريق الشرك ويشفون ظمأ أرواحهم بالآلهة الخيالية بصورة كاذبة.
وبما أنّ مجموعة من خدمة معبد الأصنام بل الكثير من الحكّام الطغاة ينتفعون من هذا الأمر فإنّهم يرغبون فيه ، وفي النهاية يصبح كدينٍ رسمي للبلاد.
ومن العجيب أن تترسّب هذه الأفكار أحياناً في أعماق الكثير من عباد الله الحقيقيين ، وللمثال على ذلك أنَّ بعض الناس يقول في قَسَمه : قسماً بالله الذي هو في السماء!! ويتصوّرون أنّنا حينما نرفع أيدينا إلى السماء حين الدعاء أنّ ذلك إشارة إلى الله وأنّه يجلس على كرسي الإقتدار وقد اجتمعت الملائكة من حوله!