وأخيراً فإنّ الآية الرابعة والأخيرة بعد الإعلان عن : (أَلَا للهِ الدِّينُ الخَالِصُ) فهي تهدّد المشركين وتضيف : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعبُدُهُم إِلَّا لِيُقرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلفَى انَّ اللهَ يَحكُمُ بَينَهُم فِى مَا هُمْ فيه يَخْتِلِفونَ إِنّ اللهَ لَايَهدِى مَن هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) (١).
توضيحات
١ ـ منشأ الإعتقاد بالشفاعة
يعجب كلّ عاقل عندما يواجه قضيّة الشرك لأوّل مرّة ، فكيف يمكن أن يخضع إنسان عاقل ذو شعور لتمثال حجري أو خشبي قام بصنعه بيده؟ فلو كان يمتلك قليلاً من العقل لكانَ هذا غير مقبول لديه ، ولو عرفنا أسباب ذلك لوجدنا أنّ القضيّة ليست بسيطة كما نرى ، فإنّ مجموعة من الأوهام والسفسطة والخيال والعادات طُرحت كأدلّة عقلية وخدعت المشركين.
يقول الفخر الرازي في ذيل تفسير الآية ١٨ من سورة يونس :
فيمن قالوا في الأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله وذكروا فيه أقوالاً كثيرة.
١ ـ إنّ قسماً من عبدة الأوثان اعتقدوا أنّ المدبّر لشؤون أقليم من أقاليم العالم ، روح معيّن من أرواح عالم الأفلاك ، ولأنّهم لا يصلون إلى تلك الروح صنعوا لها صنماً معيّناً واشتغلوا بعبادته ، وكلّ قصدهم هو عبادة تلك الروح ، ثمّ اعتقدوا أنّ تلك الروح عبد للإله الأعظم ومشتغل بعبوديته.
٢ ـ والقسم الآخر كانوا يعبدون الكواكب وزعموا أنّ الكواكب هي التي لها أهلية عبودية الله تعالى ، ثمّ لمّا رأوا أنّها تطلع وتغرب وضعوا لها أصناماً معيّنة واشتغلوا بعبادتها وغرضهم عبادة تلك الكواكب.
٣ ـ أمّا القسم الثالث ، فقد وضعوا طلاسم معينة على تلك الأصنام وأخذوا يتقرّبون إلى
__________________
(١) قال كثير من المفسّرين بأنّ «والذين» مبتدأ وخبره «إنّ الله يحكم بينهم» وجملة «ما نعبدهم» فيها محذوف هو بمنزلة الحال والتقدير «قائلين ما نعبدهم ...».