٢ ـ تاريخ عبادة الأصنام والأوثان
إنّ أوّل من أقام عبادة الأصنام بين العرب هو عمرو بن لُحَي من قبيلة خزاعة ، فقد خرج من مكّة إلى الشام في بعض اموره فلمّا قدم مآب من أرض البلقاء رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم : ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له : هذه أصنام نعبدها ، نستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا ؛ فقال لهم : أفلا تعطونني منها صنماً فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه؟ فأعطوه صنماً يقال له (هُبل) ، فقدم به مكّة فنصبه ، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه وكانت هناك صخرة يلي عليها السويق للحجّاج رجل من ثقيف وكانت تسمّى صخرة اللات ، مات الرجل فقال لهم عمرو : إنّه لم يمت ولكن دخل في الصخرة وأمرهم بعبادتها ... (١).
ونقل بعض آخر ، إنّ ظهور عبادة الأصنام ابتدأته جماعة كانت تنزّه الله إلى درجة لم تسمح لهم بعبادته ولذا صنعت صنماً أجلّ للتقرّب إليه! أو أنّها اعتقدت إنّ الإله عندما يخفى عن الحسّ والعقل فعبادته غير ممكنة ، ولذا يجب التقرّب إليه من خلال المحسوسات!
وقال بعض المؤرّخين :
«ويزعمون أن أوّل ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل إنّه كان لا يظعن من مكّة ظاعن منهم ، حتّى ضاقت عليهم ، والتمسوا الفسح في البلاد إلّاحمل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً للحرم فحيثما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة حتّى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وأعجبهم (٢) حتّى خلق الخُلوف ...».
كما ورد في تفسير الميزان :
وقد كان عبدة الأصنام يعبدون الأصنام ليتقرّبوا بعبادتها إلى أربابها وبأربابها إلى ربّ
__________________
(١) تفسير روح البيان ، ج ٤ ، ص ٢٦ (مع اختصار يسير) وقد ذكر العلّامة المجلسي في بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٤٨ بعد الروايات : ١ ، ٧ ، ٨ قصّة ظهور الشرك في قوم نوح هذا وقد ورد في (بلوغ الإرب ج ٢ ، ص ٢٠٠) قصّة عمرو بن لحي وهديته الخبيثة التي جاء بها من الشام كما نقل ابن هشام في السيرة النبوية ج ١ ، ص ٧٨. موضوعاً قريباً من هذا المضمون.
(٢) سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٧٩.