الأرباب وهو الله سبحانه ويقولون : «إنّنا على ما بنا من ألواث البشرية الماديّة وقذارات الذنوب والآثام لا سبيل إلى ربّ الأرباب لطهارة ساحته وقدسها ولا نسبة بينها وبينه.
فمن الواجب أن نتقرّب إليه بأحبّ خلائقه إليه وهم أرباب الأصنام الذين فوّض الله إليهم أمر تدبير خلقه ، ونتقرّب إليهم بأصنامهم وتماثيلهم وإنّما نعبد الأصنام لتكون شفعاء لنا عند الله لتجلب إلينا الخير وتدفع عنا الشرّ فتقع العبادة للأصنام حقيقة ، والشفاعة لأربابها وربّما نسبت إليها» (١).
وبهذا ألبسوا معتقداتهم الخاطئة والخرافية ثوباً منطقياً في الظاهر ، وظهر الضلال على صورة الهدى واحتلّت وساوس الشيطان مواقع المنطق والبرهان.
* * *
٣ ـ عوامل اخرى للشرك وعبادة الأصنام
في الحقيقة أنّ الشرك وعبادة الأصنام قضيّة معقّدة وليس وراءها عامل واحد كسائر القضايا الاجتماعية المعقّدة ، بل هناك عوامل مختلفة تعاضدت على حدوثها.
فمثلاً نجد أنّ أقواماً عبدوا الشمس والقمر والكواكب وهناك جماعة عبدت النار ، وجماعات عبدت الأنهار الكبيرة كالنيل في مصر ، والكنج في الهند ، ويعني ذلك أنّ كلّ ما فيه الخير والبركة ، يكون مقدّساً ، وكانت تتضاعف قدسيتها تدريجياً إلى حدّ اعتبارها آلهة!
وبتعبير آخر : كانوا يتيهون في عالم الأسباب وينسون الله وهو (مسبّب الأسباب) ، لافتقادهم البصيرة النافذة التي تجتاز الأسباب لتصل إلى خالق الأسباب وانتهى هذا بهم إلى عبادة الأصنام.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ١٠ ، ص ٢٧ ذيل الآية ١٨ من سورة يونس.