هذه الاحتمالات بافولها وغروبها حتّى يقول أخيراً : (إِنّىِ وَجَّهتُ وَجهىَ لِلَّذى فَطَر السَمَاواتِ وَالأَرضَ) (١) ويكمل توحيده المستدل.
ونلاحظ في بعض الروايات إشارات خفيفة إلى هذا المضمون ، كما نقرأ عن الإمام الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : (كَانَ النَّاسُ أُمّةً وَاحدةً) الآية في حديث طويل ... وفي آخره يقول الراوي : قلت له : أفي ضلال كانوا قبل النبي أم على هدى؟
قال عليهالسلام : «لم يكونوا على هدى بل كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها لا تبديل لخلق الله ، ولم يكونوا ليهتدوا حتّى يهديهم الله أما تسمع لقول إبراهيم عليهالسلام : (لئن لم يهدني ربّي لأكوننّ من القوم الضالّين) أي ناسياً للميثاق» (٢).
ولكن القرائن الموجودة في الآيات والروايات التي وردت عن الإمام الرضا عليهالسلام في هذا المجال أكثر تلائماً مع التفسير الأوّل.
* * *
العلاقة بين الأفول والحدوث :
لقد استدلّ إبراهيم عليهالسلام بافول الكواكب والشمس وغروبها على نفي الوهيتها ، وقال بأنَّ هذه الموجودات لا يمكنها أن تكون آلهة للعالم ، والكلام هنا كيف يمكن توضيح هذه العلاقة؟
توجد هنا آراء مختلفة :
١ ـ (الأُفول) علامة التغيير ، بل هو لون من التغيير ، والتغيير دليل على نقص الموجود ، لأنّ الموجود الكامل من كلّ جهاته لا تتَصوّر فيه الحركة ولا التغيير لأنّه لا يفقد شيئاً ولا
__________________
(١) وردت احتمالات اخرى في تفسير الآيات أعلاه منها الإستفهام الإستنكاري والإستفهام بقصد الإستهزاء وأمثاله ، وخاصّة في تفسير التبيان وتفسير الفخر الرازي حيث أوردا احتمالات عديدة ، ولكن لا ينسجم أي منها مع لحن الآية.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٧٣٦ ، ح ١٤٨.