توضيحات
١ ـ التقليد ، عامل للتقدّم أم للإنحطاط؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ التقليد إذا تمثّل في اتّباع وإقتباس عديمي الاطلاع من العلماء فإنّه عامل على إيجاد حركة تكاملية في المجتمعات البشرية وأساساً نجد أنّ العلوم والأفكار والآداب والعادات البنّاءة ، كما أنّ الشؤون التربوية والإنسانية قد انتقلت من جيل إلى جيل عبر هذا الطريق.
إنّ الأطفال يكتسبون جلّ معلوماتهم من المجتمع عن هذا الطريق تقريباً ، كما أنّ الصناعات والحِرف والفنون تتوسّع وتتكامل بهذا الطريق أيضاً ، ولولا روح التقليد الإيجابية والبنّاءة لم تحدث هذه الحركة التكاملية أبداً.
إنّ تقليد «الجاهل للجاهل» أو «العالم للجاهل» يكون سبباً لشيوع الفساد والانحراف والاخلاق الفاسدة ، والخرافات ، والانحرافات الفكرية من قوم إلى قوم أو جيل إلى جيل ، ومثل ذلك كمثل الماء الصافي والذي يمثل عصب الحياة ، فإذا ما تلوث بالأمراض والميكروبات فسوف يصبح وسيلة لانتشار الميكروبات والأمراض والأوبئة.
وكثيراً ما ينشأ التقليد من الكسل والتعصّب ، فالذين لا يتحمّلون جهود التحقيق لما فيهم من كسل يقبلون على التقليد ، والمعاندون المتعصّبون الذين لا يهتمون للبحث عن نقاط القوّة لدى الأقوام الاخرى والإذعان لها ، يألفون نقاط الضعف الموجودة في مجموعتهم ، وقد كان هذا النمط من التقليد الأعمى والمتعصّب والرجعي هو العامل المهمّ لشيوع الشرك وعبادة الأصنام على مرّ التاريخ (١).
* * *
٢ ـ تزيين الشياطين وهوى النفس
يستفاد من الآيات القرآنية أنّ (اتّباع الهوى) كان من عوامل الشرك أيضاً ، كما نقرأ في
__________________
(١) هناك بحوث حول أنواع التقليد وشرائط التقليد الإيجابي ودوافع التقليد الأعمى وشرحت كلمة (تقليد) في الجزء الأوّل من هذا التفسير في موضوع (حجاب التقليد) ، ج ١ ، ص ٢٧٣.