معبوداً لهم ، فيدفع مجموعة لعبادة الشمس ، ومجموعة لعبادة القمر ، ويشغل مجموعة بـ (هبل) ، ومجموعة ب (اللات) و (العزّى) ، حتّى انقسم المجتمع العربي الصغير في الجزيرة إلى مئات المجموعات بسبب عبادة الأصنام المختلفة ، على عكس التوحيد الذي يمثّل حلقة الوصل بين القلوب ورابطاً وثيقاً بين الأفكار.
ونعلم أيضاً أنّ الاختلاف ما دام قائماً فإنّ المستعمرين في راحة بال ، وأنّ مقولة (فرّق تسد) تُعدّ من أقدم المبادئ الاستعمارية ، فلا عجب في أن يكون الفراعنة ونمرود وأبو سفيان وأمثالهم من أنصار الشرك وعبادة الأصنام.
ثالثاً : يهدف المستكبرون دائماً إلى أن يخضع الناس لهم وكأنّهم آلهة ويتلقّون أوامرهم كأوامر مقدّسة لا نقاش فيها.
ومن الواضح أنّ من يسجد للحجر والخشب يكون أكثر تقبّلاً للآلهة البشرية ، ولذا أخذ فرعون ينادي في مصر (أنا ربّكم الأعلى) واعتبر نفسه أعلى من الآلهة كلّها.
بناءً على هذه الجوانب الثلاثة فلا عجب أن تتواكب الأفكار الاستعمارية مع الشرك وعبادة الأصنام ، وأن يكون خطّ الأنبياء الذي يمثّل خطّ القضاء على الاستعمار والاستضعاف هو خطّ التوحيد واليقظة والوعي ، لنتذكّر مرّة اخرى الحديث المروي عن الإمام الصادق عليهالسلام الذي قال فيه : «إنّ بني اميّة أطلقوا للناس تعليم الإيمان ولم يطلقوا تعليم الشرك لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه» (١).
إنّ هذا المضمون وان لم يصرّح به في الآيات القرآنية إلّاأنّه اشير إليه كما نقرأ في الآية : (وَلَو تَرى اذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِم يَرجِعُ بَعضُهُم إِلَى بَعضٍ القَولَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَولَا انتُم لَكُنَّا مُؤمِنِينَ). (سبأ / ٣)
٤ ـ كلمة أخيرة حول عوامل الشرك
من خلال البحوث التي أوردناها تتّضح هذه الحقيقة وهي : إنّ الشرك وعبادة الأصنام
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٤١٥.