وكما أنّ «أحد» استعمل في جملة ثبوتية كما في سورة البحث وآيات قرآنية اخرى(١).
فالصحيح هو أن نقول بأنّ الإثنين يشيران إلى معنى واحد.
على كلّ حال ، يعتقد بعض المفسّرين أنّ جملة (الله أحد) هي أكمل وصف لمعرفة الله يمكن أن يستقرّ في عقل الإنسان ، لأنّ كلمة (الله) تشير إلى الذات التي لها صفات الكمال كلّها وفي (أحد) إشارة إلى نفي الصفات السلبية كلّها (٢).
والقرآن الكريم في إكمال هذه الآيات يقول : (اللهُ الصَّمَدُ) فهو إله قائم بالذات وغني ويقصده كلّ المحتاجين ويتوجّهون إليه.
وكلمة «صمد» كما في (مقاييس اللغة) لها أصلان : أحدهما يعني القصد ، والثاني الصلابة والإستحكام ، وعندما تستعمل بصدد الله تعالى فإنّ معناها هو الغني المطلق الذي يتوجّه إليه كلّ المحتاجين ، وتعني أيضاً الذات الواجبة الوجود والقائمة بذاتها.
ومن الممكن أن يرجع الأصلان إلى أصل واحد ، لأنّ الذات المستحكمة والصلبة والقائمة بذاتها تكون غنيّة ـ طبعاً ـ وموضعاً لتوجّه جميع المحتاجين ، وعليه فإنّ (صمد) يمكن أن يكون إشارة إجمالية إلى جميع الصفات الثبوتية والسلبية لله تعالى ، ولعلّه لهذا الدليل ذُكرت معانٍ كثيرة ل (صمد) في الروايات الإسلامية حيث يشير كلّ واحد منها إلى إحدى صفات الله (٣).
على أيّة حال ، لا تخفى العلاقة بين هذه الآية والآية السابقة لها التي تتحدّث عن وحدانية الله ، لأنّ واجب الوجود والغني وحاجة جميع الموجودات إليه تستلزم أن يكون واحداً وأحداً.
وفي الآية اللاحقة تأكيد آخر على حقيقة التوحيد حيث ترد عقيدة النصارى في الآلهة الثلاثة (الأب ، والإبن ، والواسطة بينهما) ، وتبطل عقيدة اليهود بأنّ عزير ابن الله ، كما تبطل
__________________
(١) الآيات : التوبة ، ٦ ؛ النساء ، ٤٣ ؛ مريم ، ٢٦ ؛ البقرة ، ١٨٠ ؛ الكهف ، ١٩ ؛ وآيات كثيرة اخرى.
(٢) تفسير الكبير ، ج ٣٢ ، ص ١٨٠.
(٣) راجع التفسير الأمثل ، ذيل الآية ٢ من سورة الاخلاص.