٢ ـ مفهوم توحيد الصفات
حينما نقول : إنّ توحيد الصفات هو فرع من فروع التوحيد فإنّ مفهومه هو : كما أنّ ذات الله عزوجل أزلية وأبدية فإنّ صفاته كالعلم والقدرة وأمثالها أزلية وأبدية أيضاً ، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ، هذه الصفات ليست زائدة على ذاته فلا يوجد فيها عارض ومعروض بل هي عين ذاته.
ومن جهة ثالثة لا تفصل الصفات عن بعضها ، أي أنّ علمه وقدرته شيء واحد والإثنان عين ذاته!
بيان : عندما نراجع أنفسنا نرى أنّنا كنّا نفقد الكثير من الصفات ، فلم نملك حين الولادة علماً ولا قدرة ، ولكن هذه الصفات نمت فينا تدريجيّاً ، ولذا نقول : إنّ هذه امور زائدة على ذواتنا ، ولذا يمكن أن يمرّ بنا اليوم الذي نفقد فيه القوّة العضلية والعلوم والأفكار التي نملكها ونرى بوضوح أيضاً إنّ علمنا وقدرتنا منفصلتان ، فالقدرة الجسمية في عضلاتنا ولكن العلم موجود في الروح!
ولا يتصوّر في الله أي معنى من هذه المعاني ، فذاته كلّها علم وقدرة وكلّ شيء في ذاته واحد ، ونسلّم طبعاً بأنّ تصوّر هذه المعاني ـ بالنسبة لنا نظراً لفقداننا لهذه الصفة ـ معقّد وغير مألوف ولا سبيل إليه إلّاقوّة المنطق والاستدلال الدقيق واللطيف.
* * *
٣ ـ الدليل على توحيد الصفات
إنّ الخوض في صفات المخلوقات وعدم القدرة على استيعاب مفهوم توحيد الصفات هو السبب في انحراف بعض المتكلّمين وعلماء العقيدة عن المسير الصحيح في موضوع صفات الله ، أمثال طائفة (الكرامية) وهم أتباع محمّد بن كرام السيستاني الذين اعتقدوا بأنّ صفات الله حادثة ، وكذلك كانوا يعتقدون أنّ الله لم يكن مالكاً لهذه الصفات ابتداءً ثمّ امتلكها!
وهذا الكلام في غاية القبح! ولا يمكن لأحدٍ أن يصدّقه ، مَنْ يصدّق بأنّ الله كان عاجزاً في البداية ثمّ اقتدر؟ فمن الذي أعطاه القدرة! ومن الذي وهبه العلم؟!