«طاغوت» : صيغة مبالغة من (الطغيان) (١) ، والطغيان كما نعلم هو : تجاوز كلّ حدّ ، ولذا تطلق كلمة طاغوت على كلّ موجود متمرّد ومعتدٍ كالشيطان ، والسحرة ، والجبّارين ، والحكّام الظالمين ، والتيارات التي تنتهي بغير الحقّ.
وتأتي هذه الكلمة بمعنى المفرد والجمع.
وذكر (الطبرسي) في (مجمع البيان) في تفسير آية الكرسي خمسة معانٍ للطاغوت هي : الشيطان ، الكاهن ، الساحر ، الإنس والجنّ المتمرّدون والأصنام (ومن الواضح أنّ هذه الأقوال ترجع كلّها إلى معنى جامع واحد اشير إليه).
جمع الآيات وتفسيرها
هو المعبود وحده :
إنَّ آية البحث الاولى تعتبر الدعوة إلى التوحيد هي المنهج الأساسي لرسل الله أجمعين حيث تقول : (ولَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ امَّةٍ رَّسُولاً انِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).
وهذه الكلمات تُطرح في مواجهة الذين تنقل عنهم (هذه الآية) تبريراتهم في عبادة الأصنام : (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِن شَىءٍ ...). (النحل / ٣٥) والقرآن يقول في ردّهم : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ امَةٍ رَسُولاً انِ اعبُدُوا اللهَ واجتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) فقد دعا الأنبياء عليهمالسلام جميعاً إلى التوحيد في العبادة وعارضوا عبادة أي موجود غير الله ، فما هذه الفرية التي تنسبونها إلى الله؟!
وتضيف : إنّ الناس انقسموا إلى طائفتين تجاه دعوة الأنبياء عليهمالسلام ، طائفة استعدّت للهداية وكانت تطلبها فهداها الله ، (فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ) ، وطائفة خالفت : (ومِنْهُمْ مَّن حَقَّتْ عَلَيهِ الضَّلَالَةُ) ، ثمّ تأمر الآية : (فَسِيرُوا فِى الأَرضِ فَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ) ، أجل ، إنّهم وبسبب انحرافهم عن جادّة التوحيد وبسبب الطغاة وقعوا في وحل الفساد والشقاء ، فنزل عليهم العذاب الإلهي.
__________________
(١) قال البعض : إنّ الأصل هو «طغووت» ثمّ جاء لام الفعل بدلاً عن عين الفعل وانقلبت الواو المفتوحة قبلها إلى الف وصارت (طاغوت).