لا أعبد غير الله :
في الآية الخامسة يصل الدور إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله حيث يأمره الله عزوجل : (قُلْ إِنِّى نُهِيتُ انْ اعْبُدَ الَّذِينَ تَدعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ).
والاستفادة من لفظ (الذين) الذي يستعمل لجمع المذكّر العاقل في معبوداتهم هو إمّا لتصوّرهم في عالم وهمهم وخيالهم أنّ الأصنام ذات روح وعقل وشعور ، وأمّا لوجود أشخاص كالمسيح أو الملائكة والجنّ بين هذه المعبودات.
ولتبيان الدليل على هذا المنع والنهي الإلهي تضيف الآية : (قُلْ لَّااتَّبِعُ اهوَاءَكُم قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ المُهتَدِينَ).
ويعني هذا أنّ جذور الشرك كلّها ترجع إلى عبادة الهوى والظنّ والوهم ، ومن المسلّم به أنّ اتباع الهوى يستتبع الضلال ولا ينتهي بالسعادة والهداية أبداً.
* * *
الآية السادسة توجّه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله وتأمره بأن يثبت ويواصل عبادة الله الواحد واجتناب كلّ شرك وعبادة للأصنام حيث تقول : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيكَ اليَقينُ).
وقد فسّر المفسّرون (اليقين) هنا بمعنى الموت ، واعتبروه نظير قول السيّد المسيح عليهالسلام : (واوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً). (مريم / ٣١)
ونقرأ في موضع آخر من القرآن على لسان أهل النار : (وكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَومِ الدِّينِ* حَتّى أَتَانَا اليَقِينُ). (المدثر / ٤٦ ـ ٤٧)
كما جاء التعبير عن (الموت) بـ (اليقين) في الروايات الإسلامية ، ففي الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام نقرأ قوله عن الموت : «لم يخلق الله يقيناً لا شكّ فيه أشبه بشكّ لا يقين فيه من الموت» (١) ، (لأنّ الناس لا يكترثون به وكأنّهم لا يصدقون أنّهم سيموتون)!
والتعبير عن (الموت) بـ (اليقين) إمّا لما اشير إليه في الحديث المذكور أي هو مسألة يقطع
__________________
(١) تحف العقول ، ص ٢٧١.