الخطوط المنحرفة بينهما ، فخطّ التوحيد واحد وكلّ ما سواه فهو شرك وعبادة أصنام.
(مستقيم) من (الإستقامة) ومشتقّة في الأصل من (القيام) ، وبما أنّ الإنسان يقف مستوياً في قيامه فإنّ هذه الكلمة استعملت بمعنى كلّ طريق ومنهج معتدل ومستوٍ وخالٍ من الانحراف.
والملاحظ أنّ القرآن وفي سورة الحمد قد جعل النقطة المقابلة للصراط المستقيم هو طريق المغضوب عليهم و (الضالّين) ، والطائفة الاولى هم الضالّون من أهل العناد واللجاجة والذين يصرّون على مسيرتهم ومسيرة غيرهم المنحرفة ، والطائفة الثانية هم الضالّون البسطاء.
إن عجزتم عن عبادة الله فهاجروا :
نواجه في الآية التاسعة نقطة جديدة حيث يتوجّه الأمر إلى المؤمنين ، وذلك عندما يكون البقاء في مكان ـ حتّى أوطانهم الخاصّة ـ مانعاً من عبادة الله ومزعزعاً لتوحيد عبادته فعليهم أن يهجروا ذلك المكان تقول الآية : (يَاعِبادِىَ الَّذينَ آمَنُوا انَّ ارضِى وَاسِعةٌ فَإِيّاىَ فَاعبُدُونِ)
أجل ، أنّ أرض الله واسعة ولا يمكن أبداً الإذعان لذلّ الشرك وأسر الكفر وعبادة الأصنام من أجل امور من قبيل القوم والقبيلة والبيت والوطن الحبيب ، بل إنّ واجب كلّ مؤمن موحّد هو أن يهجَر وطنه في مثل هذه الظروف ويحلّ في وطن مناسب ويُبقي شمعة التوحيد مضيئة في روحة ، وقد يُوفَّق ـ كالمهاجرين في صدر الإسلام ـ لإعداد القوّة اللازمة ويرجع إلى وطنه ويزيل آثار الشرك وعبادة الأصنام من ربوعه.
والتعبير بـ (ياعبادي) ، و (أرضي) ، و (إيّاي فاعبدون) في الآية مقرون بالرحمة واللطف الإلهي وإشارة إلى نصره المستمر للموحّدين أينما كانوا وفي كلّ زمان (١).
والملاحظ أنّ المخاطب في الآية هم (العباد) ، ومع ذلك فالآية تأمرهم بعبادة الله الواحد ،
__________________
(١) لاحظوا أن «إيّاي فاعبدون» بسبب تقدّم المفعول على الفعل تدلّ على الحصر وتبيّن انحصار العبادة في الله.