والثناء صفاتٌ لها مراتب ودرجات آخرها وذروتها العبادة والعبودية.
ومن البديهي أن يخضع الإنسان لأوامر من يحترمه إلى هذه الدرجة وينقاد له بكلّ وجوده انقياداً تامّاً ويهوي إلى الأرض ويسجد له.
هل من الممكن أن ينفصل الخضوع الذي يصل حدّ العبودية والثناء والإحترام اللامحدود عن الطاعة والتسليم للأمر؟
ومن هنا نقول : إنّ الإنسان إذا استوعب روح العبادة الخالصة فإنّه يكون قد خطا خطوة كبيرة في طريق الطاعة لأمر الله والعمل بالصالحات والإبتعاد عن السيّئات ، ومثل هذه العبادة ـ خاصّة إذا كانت دائمة ومستمرّة ـ تكون رمزاً لتربية الإنسان وتكامله.
مثل هذه العبادة الخالصة المقرونة بعشق المحبوب ، الذي يشكّل عاملاً مهمّاً للحركة إليه ، وكما أنّ التحرّك نحو ذلك الكمال المطلق عامل على ترك القبائح والدنيّات والتلوّث بالمعاصي.
ولهذا حازت مسألة العبادة الخالصة على هذه الدرجة من الأهمّية إلى الحدّ الذي يقول القرآن فيها : (إِنَّ الَّذينَ يَستَكبِرُونَ عَنْ عِبادَتِى سَيَدخُلُون جَهَنَّمَ دَاخِرينَ) (المؤمن / ٦٠)
إنَّ العابد بدافع من خضوعه اللامحدود بين يدي الله يسعى إلى نَيْلِ رضاه والتقرّب إليه ولأنّه يعلم أنّ تحصيل رضاه يتمّ عن طريق طاعة أمره فإنّه يسعى في هذا الطريق ويتقبّل أوامره بطيب نفس تامّ.
العابد الحقيقي يسعى للتشبّه وتقليد صفات معبوده ومعشوقه الحقيقي ويعكس في هذا الطريق قبساً من صفات جماله وجلاله في نفسه ، ولا ينكر ما لهذه الامور من تأثيرات على تكامل الإنسان وتربيته.
٢ ـ روح العبادة والإحتراز من الإفراط والتفريط
هناك إفراط وتفريط عجيبان في معنى العبادة كما هو الحال في الكثير من القضايا الاخرى حتّى أنّ بعضاً أفرط إلى حدّ جوّز فيه السجود لغير الله (مع عدم الاعتقاد بمالكية