الآية الثانية تبيّن محتوى الآية السابقة إضافة إلى تأكيدها على وحدانية الله وقهّاريته حيث جاء فيها : (امْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلقُ عَلَيهِم قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَىءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ).
«قهّار» : من (قهر) ويعني في الأصل الغلبة المقرونة بتحقير الطرف المقابل ولذا ، تستعمل في هذين المعنيين كليهما ، ونظراً لاستعمالها هنا بصيغة المبالغة فانّها تعني غلبة الله والنصر المطلق ـ دون قيد أو شرط ـ على كلّ شيء وكلّ فعل حتّى معبوداتهم وأصنامهم غير مستثناة ، وعليه كيف تكون شريكاً لله؟!
* * *
الآية الثالثة تطرح الموضوع بصورة اخرى وهي صورة الإستفهام الإستنكاري حيث تقول : (هَلْ مِن خَالِقٍ غَيرُ اللهِ يَرزُقُكُم مِنَ السَّماءِ والْأَرضِ) ، كلّا ، فهو الذي بدأ خلقكم ، وبقاؤكم مستند إلى رزقه المتواصل.
فبأمره تشرقُ الشمسُ عليكم من السماء ، وينزل المطر لاحياء الأرض ويسخّر الرياح ، وهو الذي يتفضّل عليكم بالنباتات والثمار والغذاء والمعادن والثروات الثمينة.
وعليه عندما لا يوجد خالق ورازق سواه فبداية الجميع ونهايتهم إذن بيده : (لَاالهَ إِلَّا هُوَ فَانَّى تُؤْفَكُونَ).
خالقية الله للكون :
لا ينكر حتّى المشركون أنّ الله هو الخالق للكون ، والآية الرابعة تطرح مسألة التوحيد في إطار آخر وهو أنّ المشركين أنفسهم يُقرّون أنّ الأصنام ليست خالقة للسماء والأرض والشمس والقمر أبداً وتقول : (وَلَئِنْ سَأَلتَهُم مَّن خَلَقَ السَّماوَاتِ والْأَرْضَ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ).
فقد كان المشركون يعتقدون أنّ الأصنام شريكة لله في العبادة أو لها التأثير على مصير