الآية الخامسة تتحدّث عن ربوبية الله للبشر وتنقل عن النبي العظيم «إلياس عليهالسلام» خطابه لقومه ، وفيه وبخّهم على عبادة صنمهم المعروف بـ (بعلْ) وقال لهم : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وتَذَرُونَ احسَنَ الْخَالِقِينَ) وأضاف : (اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) (١).
وهذا في الواقع لجميع الوثنيين الذين كانوا يبرّرون عبادة الأصنام حينما يسألون عنها بقولهم : إنّ هذه سنّة آبائنا ولا نتركها ، وفي المقابل استند النبي إلياس عليهالسلام إلى هذا المعنى وهو : أنّ اللائق للعبودية هو ربّ العالم ومدبّره والمربّي الحقيقي للإنسان ، والله ربّكم وربّ آبائكم وأجدادكم فإذا كان اولئك على خطأ في معرفة المعبود الحقيقي وربّهم فلماذا تسلكون نفس الطريق الخاطىء؟
* * *
هو المدبّر للُامور :
تتحدّث الآية السادسة والأخيرة عن تدبير الأمر بدلاً من استخدام كلمة (الربّ) وهو مفهوم شبيه بالربوبية ، وليس عينه تماماً ، فتخاطب النبي صلىاللهعليهوآله : (قُلْ مَن يَرزُقُكُم مِنَ السَّماءِ وَالْأَرضِ).
مَن الذي سخّر لكم نور الشمس الضروري لوجودكم والأمطار التي تنزل من السماء لتهب الحياة في كلّ مكان والهواء الذي تتنفسونه فيمنحكم طراوة ولطافة؟
وهكذا النباتات التي تنبت في الأرض ، وتوفّر المواد الغذائية والفواكه اللذيذة والمعادن الثمينة التي تستخرجونها من باطن الأرض ، من الذي أعطاها لكم؟ هل هذه الأرزاق من الأصنام؟!
ثمّ تذكر الآية جسم الإنسان وتشير إلى مجموعيتن من أهمّ أعضائه بعنوان الطريق الأصلي في ارتباط الإنسان مع العالم الخارجي والمبدأ الأساس للعلوم والأفكار حيث تقول : (أَمَّن يَملِكُ السَّمعَ والابصَارَ) ، ثمّ تتناول أهمّ ظاهرة في عالم الخلقة وهي قضيّة
__________________
(١) «الله» منصوب لأنّه بدل من (أحسن الخالقين) في الآية السابقة وقال بعض إنّه عطف بيان.