وهي شيوع الشرك وتعدّد الآلهة (الإله بمعنى الربّ) بين المجتمعات البشرية المختلفة منذ أقدم العصور بشكل أوسع ، ولو قمنا بجمع أسماء هذه الآلهة وعقائد المجتمعات البشرية المختلفة لحصلنا على كتاب مفصّل مليء بالعقائد العجيبة والغريبة والخرافية ، ولا بأس في الإشارة إليها بصورة مختصرة ، ليطّلع القرّاء على تلك القصّة الطويلة من خلال هذه المقدّمة المتواضعة.
أ) آلهة الروم
كَتَبَ أحد المؤرّخين الغربيين بهذا الصدد : «لم تكن الديانة الرومية تشابه ما نصطلح عليه «دين» أبداً ، ولم تتضمّن أي تشريع لمعتقديها ، ولم تكن بصدد إصلاح التفسّخ الأخلاقي بين الناس ، بل كانت تعلّمهم أفضل السبل لاكتساب رضا الآلهة وعونها.
... وكانت آلهة الروم كثيرة جدّاً ممّا جعل كلّ إله يحظى باتجاه معين! وله دور في قضيّة معيّنة ، فلم يكن لأبواب البيوت إله فحسب ، بل والعتبة منها وقواعدها كانت لها أرباب ، كما أنّ هناك آلهة مستقلّة تتولّى أمر المحافظة على كلّ فرد من أفراد البشر ، فوجود رب النوع الخاص الذي يعلّم الطفل أوّل صرخة ، وآخر يعلّمه شرب الماء ، وآخر يعلّمه الخروج من البيت وآخر يعلّمه كيف يرجع! وهناك إله خاص لحراثة الأرض وإله آخر خاص بالزراعة وآخر لبذر البذور و (أعداد كبيرة من الآلهة) ، ولا عجب في أن يكون للروم (٣٠) ألف إله! حتّى أنّ أحد شخصياتهم مازح بقوله : إنّ آلهة بلادنا في الشوارع والمجتمعات هي أكثر من أفراد شعبنا!» (١).
ب) آلهة اليونان
ويكتب ذلك المؤرّخ أيضاً : (لقد اعتقد المجتمع اليوناني ـ كالكثير من الامم ـ بالوهية الظواهر الطبيعية كلّها نظير الشمس والرعد والمحيطات والأعاصير والأنهار والعيون
__________________
(١) تاريخ آلبرمالة ، تاريخ الروم ، ج ١ ، ص ٢٩ و ٣٠ ، (علامة التعجّب منّا).