٢ ـ أدلّة وجود الحركة الجوهرية
يعتقد صدر المتألّهين بأنّ الوجود على صورتين :
١ ـ الوجود مستقرّ وثابت وعديم الحركة مطلقاً لا في ذاته أو صفاته.
٢ ـ الوجود سيّال ومتموّج في ذاته ، أي أنّ السيلان جزء من ذاته وليس له سكون ولا قرار ، وقد يلاحظ هذا الإضطراب الذاتي بوضوح في اضطراب الاعراض ، وقد لا يلاحظ تغيّر في ظاهر الذات في حين تتجدّد في باطنها باستمرار.
وبتعبير آخر إنّ هذه الموجودات السيّالة لها وجود جديد في كلّ آن ، وهي أشياء جديدة ، ولكن هناك لون من الاتّصال بينها يجعلها تبدو كوجود واحد.
وقد ذكر المناصرون ل (الحركة الجوهرية) أدلّة لإثبات مرادهم ، وإن لم يسمح المجال لبيان هذه القضايا ، غير أنّنا نشير إلى ثلاثة أدلّة رئيسية هي :
١ ـ من القاعدة القائلة «كلّ ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات» ، هناك أصل عام وهو أنّ كلّ موجود استعار صفة من غيره وأنّها لابدّ أن تنتهي إلى مصدر تنشأ منه ، وبدون ذلك سنواجه مشكلة (التسلسل) ، أي أنّ الحرارة في الماء الحار مستعارة ولابدّ لها أن تنتهي إلى النار التي تولّد الحرارة من ذاتها.
بناءً على هذا الأصل فإنّ الحركة التي نلاحظها في أعراض الجسم (نظير الكميّة والكيفية) لابدّ لنا أن نعرف أنّ هذه الحركة ناشئة من اضطراب الذات والباطن ، فمثلاً : لو كانت التفاحة ثابتة في ذاتها ومستقرّة فكيف إذن يتغيّر لون أعراضها؟ هذه الحركة الظاهرية إذن تخبر عن حركة الداخل.
٢ ـ كلّ (معلول متغيّر) بحاجة إلى (علّة متغيّرة) ، فلو جلسنا في ظلّ شجرة في بستان ولاحظنا التحرّك المستمرّ للظلّ فالواجب أن نعلم أنّ علّته وهي أشعة الشمس في حالة تحرّك ، ومن هناك ندرك الحركة في ذات الجسم عن طريق الحركة في أعراضه.
٣ ـ الزمان دليل آخر على الحركة الجوهرية ، لأننا نلاحظ جيّداً أنّ حوادث العالم لا تكون مجتمعة ، فحوادث اليوم تتحقّق بعد حوادث أمس وقبل حوادث غد ، وهذا أمر واقعي ،