المهمّ هنا هو أن نعلم بأنّ القرآن الكريم واجه هذه الأفكار كلّها وفي هذا الوسط الواسع من الأفكار العجيبة والغريبة والملوّثة بالشرك وأمام هذه العقائد والمذاهب الفلسفية المختلفة التي تُشمّ منها رائحة الشرك قام بعرض توحيد خالص في مسألة الخالقية وتدبير العالم وربوبيته وهو بحقّ من معجزات القرآن الكريم.
لقد أبطل القرآن هذه الآلهة الوهمية وربّ الأنواع الخيالية وعرّف (الله عزوجل) كربٍّ للعالمين فقط ، واعتبر كلّ شيء وكلّ إنسان مخلوقاً له وتحت تربيته وتدبيره ، وقام بإفاضة الصفاء على قلوب البشر وأرواحهم بنور الوحدة ووجّه أنظار البشر المشتّتة إلى ذلك الواحد الأبدي.
أجل ، إنّ دراسة تلك العقائد المشوبة بالشرك ومطالعتها تفصح عن قيمة التوحيد الإسلامي في منظار أتباع الحقّ.
والطريف أنّ الإسلام قد انبعث من أجواء لا يتحكّم فيها سوى الجهل ، وكان الشرك يفرض قوّته على عقول الناس ، ولم يكن العالم الخارج عن حدود الجزيرة العربية متخلّفاً عنها ، فقد أشرنا سالفاً إلى أنّ الفلاسفة والمفكّرين كانوا متورّطين بلون من الأفكار المشوبة بالشرك.
ويدلّ ذلك على أنّ طريق التوحيد الأصيل ليس أمراً يسمح للإنسان أن يسير فيه بنفسه ، بل لابدّ من يد غيبية تمتدّ إليه عن طريق الوحي ، ومن أنبياء يقودونه من وادي الظلمات ويوصلونه إلى معين التوحيد الخالص.
* * *
٣ ـ التفويض لون من الشرك
بالرغم من أنّ للتفويض معاني مختلفة تبلغ سبعة عند بعض ، ووجود بحوث واسعة مرتبطة به ، إلّاأنّ من اللازم التذكير بأنّ جمعاً من المسلمين القائلين بالتفويض قد ظهروا وهم يحملون عقيدة بأنّ الله تعالى خلق النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ثمّ أوكل إليهم