وعليه فانّهم ليسوا مالكين مستقلّين ولا شركاء ولا معاونين ، فأي عمل هم قادرون على إنجازه حتّى تسجدوا لهم وتعبدوهم؟!
بهذه الاستدلالات الواضحة ينفي القرآن الكريم كلّ شريك في المالكية والحاكمية في عالم الوجود الواسع بصورة مستقلّة ومشتركة ومتعاضدة ، وتعتبر ذلك كلّه مختّصاً في الله ، وينزّه الله عن كلّ شريك ومعين وناصر في عالم الوجود كلّه.
المستفاد من مجموع هذه الآيات الستّ والآيات القرآنية المشابهة لها هو أنّ المالك والحاكم على عالم الوجود بأسره لا يكون في منظار الموحّد الكامل إلّاالله ، ولا يملك أحد في أي موضع ومنصب جزءاً صغيراً ، وبهذا لا يبقى للمشركين أي مبرّر لعبادة الأصنام أو ربّ الأنواع أو الملائكة وغيرها.
توضيحان
١ ـ الآثار التربوية للإيمان بتوحيد المالكية والحاكمية
الطغيان والغرور والتمرّد والبخل والحسد حالات نفسية تنشأ غالباً من عقيدة الإنسان بأنّه المالك الحقيقي للأموال التي بحوزته ، ويرى نفسه حرّاً فيما إذا استلم زمام الحكم في نطاق واسع أو ضيق ، وهذه حالة مشوبة بالشرك وهي منشأ لألوان المعاصي والفساد الاجتماعي.
ولكن إذا ما نظر الإنسان إلى هذا العالم بمنظار توحيدي ، واعتقد ـ كما في الآيات ـ أنّ العالم ملك مطلق لله واعتبر نفسه ـ كما جاء في الآية ٧ من سورة الحديد : (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُّستَخلَفِينَ فِيهِ) ـ أميناً بين يدي الله ، وإستوعب هذا المعنى بوجوده كلّه ، فكيف يمكن أن يقصر في أداء ما يريده صاحب الأمانة الأصلي أو يبخل أو يحسد؟ وكيف تكون هذه الأموال سبباً لغروره وطغيانه ، إن ما يملك من مال وثروة ليس له! فهل يغترّ الموظّف في أحد المصارف بالملايين التي تكون تحت تصرُّفه كلّ يوم؟
وهكذا بالنسبة للحكومات والمناصب التي يتولّاها البعض ، فانّهم ليسوا مستخلفين في