جزء صغير من عالم الوجود هذا ، وعلى أساس هذا الفهم والرؤية ، فلماذا الغرور والطغيان؟ ولماذا الظلم والفساد؟
إنَّ هذه الرؤية التوحيدية للعالم تعطي للإنسانية صبغة أُخرى ، صبغة إلهيّة ، صبغة السلام والصفاء والأمن ولون الإنفاق والإيثار.
* * *
٢ ـ إستغلال مفهوم (ملكية الله)
لا شكّ ـ وكما تقدم ـ أنّ الله تعالى مالك لعالم الوجود بأسره ـ وبغض النظر عن الآيات القرآنية الكثيرة الواردة بهذا الخصوص فإنّ الدليل العقلي شاهد على هذا الأمر ، فانحصار واجب الوجود في ذاته المقدّسة واحتياج الموجودات كلّها إلى الله سبحانه وتعالى يكفي لإثبات هذا المفهوم ولايتنافى مع هذا المعنى من المالكية الحقوقية والقانونية لبني الإنسان في الإطار الذي يسمح به الله أبداً ، وما يتشبّث به البعض في قضيّة (ملكية الله) لنفي آية (الملكية الخاصة) فانّه استغلال ليس إلّا ، والعجيب إن ذلك يُطرح تحت عنوان الفقه الإسلامي ، ويعطي ـ في الحقيقة ـ للإشتراكية أو الشيوعية لوناً إسلامياً.
وبوضوح أكثر نقول : إنّ القرآن الكريم الذي أكد على مالكية الله لعالم الوجود الواسع بأسره فيه آيات تتعلّق ب (الإرث والخمس والزكاة والتجارة) أيضاً ويضفي الشرعية على الأموال المشروعة التي يتصرّف بها القطّاع الخاصّ ، فقد جاء التعبير بـ (أموالكم) في ١٤ آية قرآنية ، والتعبير بـ (أموالهم) في ٣١ آية ـ وقد وردت الكثير من التعاليم الالهيّة في العديد من الآيات تأمرهم في كيفية التصرف في أموالهم ، فلو كان مفهوم الملكية الإلهيّة ينفي ملكية الإنسان ، فما هو إذن مفهوم الآيات التي وردت في هذه ال ٤٥ آية إضافة إلى آيات كثيرة اخرى تتعلّق بهذا الموضوع؟
فالقرآن الكريم يقول : (وَآتُوا الْيَتَامى أَمْوَالَهُمْ ... وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ). (النساء / ٢)