د) توحيد التقنين (الحاكمية التشريعيّة)
تمهيد :
من المعلوم إنّه ومن أجل تنظيم شؤون المجتمعات البشرية نحتاج إلى ثلاث سلطات ، (السلطة التشريعية) التي تتكفّل سنّ القوانين الكفيلة بحفظ النظام في المجتمع والحيلولة دون ضياع الحقوق ، و (السلطة التنفيذية) التي تنفّذ ما صادقت عليه السلطة التشريعية وتتولّاها عادةً الحكومات المؤلفة من الوزراء والدوائر الحكومية.
و (السلطة القضائية) المسؤولة عن معاقبة المتخلّفين عن القانون والمجرمين والمعتدين.
في الرؤية التوحيدية الإسلامية تستمد هذه السلطات الثلاث من تعاليم الذات المقدّسة الالهيّة ولا يكون فيها حكماً جائزاً إلّابإذنه وأمره فهو الذي شرّع القوانين وهو الذي يجيز تشكيل الحكومات وتنفيذ القوانين ، وهو الذي يمنح الشرعية لعمل القضاة ، وعليه فإنّ هذه السلطات الثلاث لابدّ أن تستمدّ شرعيتها من حضرة القدس الإلهي طبق الشرائط والأوامر ، وهذا المعنى له انعكاس واسع في الآيات القرآنية إضافةً إلى إمكانية الاستدلال عليه عقليّاً.
بهذا التمهيد نراجع القرآن الكريم لنمعن خاشعين في الآيات القرآنية :
١ ـ (وَمَنْ لَّمْ يَحكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ). (المائدة / ٤٤)
٢ ـ (وَمَنْ لَّمْ يَحكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). (المائدة / ٤٥)
٣ ـ (وَمَنْ لَّمْ يَحكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ). (المائدة / ٤٧)
٤ ـ (وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُم بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُم أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إلَيكَ). (المائدة / ٤٩)
٥ ـ (فَلَا وَرَبِّكَ لَايُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيَما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثمَّ لَايَجِدُوا فِى أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً). (النساء / ٦٥)
٦ ـ (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للهِ). (الأنعام / ٥٧) (يوسف / ٦٥)