من كتب اللغة تذكر أنّ أحد معاني (حكم) هو تفويض الأمر والفعل لشخص ما.
ورد في كتاب (العين) أنّ لفظ (حكمة) يرجع إلى مفهوم العدل والعلم والحلم ، ويقول صاحب الكتاب : إنّ هذه الكلمة فُسّرت بمعنى (المنع) أو (المنع من الفساد) ، وهذا ينسجم مع ما نقلناه عن اللغويين ، والآيات المحكمات اطلق عليها هذا اللفظ لأنّ صراحتها ووضوحها يمنع من أي تفسير أو تأويل خاطيء.
جمع الايات وتفسيرها
من لم يحكم بما أنزل الله :
في الآيات الأربعة الاولى (الآية ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧ ، و ٤٩ من سورة المائدة) عرض لمسألة توحيد الحاكمية بأوضح وجوهه.
تقول الآية الاولى والثانية والثالثة : (وَمَنْ لَّمْ يَحكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُوْلئِكَ هُمُ الكافِرونَ ... هُمُ الظَّالِمُونَ ... هُمُ الفَاسِقُونَ).
وللمفسّرين أقوال في هذه العبارات هل أنّها تتضمّن مفاهيم مختلفة أو أنّها تشير إلى مفهوم واحد؟
فبعض يعتقد أنّها تنظر إلى جماعة واحدة ، وأنّها صفات متعدّدة لموصوف واحد ويمكن تفسيرها بهذا الترتيب : من يحكم بخلاف ما أنزل الله فانّه يخالف الله وينهض بوجه الله فهو كافر من هذه الجهة.
ومن جهة ثانية أنّه يوجّه ضربه للحقّ الإنساني فهو ظالم.
ومن جهة ثالثة أنّه يخرج من نطاق واجباته فهو فاسق (لاحظ أنّ الفسق يعني الخروج عن واجبات العبودية).
وقال بعض آخر : إنّ الآية الاولى والثانية ـ وبقرينة ما قبلها ـ تقصدان اليهود ، في حين تتحدّث الآية الثالثة عن النصارى ، وبما أنّ عداء اليهود للأحكام الإلهيّة أشدّ من النصارى فقد حكم عليهم بالكفر والظلم بينما حكم على النصارى بالفسق.