الإحتكام إلى الله في حقّانية الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله.
وسبب النزول الذي ينقل في هذا المجال شاهد على هذا المعنى حيث قيل : إنّ مشركي قريش إقترحوا على النبي صلىاللهعليهوآله أن اجعل بيننا وبينك حكماً من اليهود أو قساوسة النصارى؟ كي يخبرونا عنك بما يتوفّر لديهم من كتب سماوية (١).
فنزلت الآية كجواب على إشكالهم : هل يوجد غير الله حَكْماً!
وذيل الآية شاهد على هذا المعنى أيضاً بقولها : (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَبِّكَ بِالحَقِّ).
على كلّ حال فإنّ مفهوم الآية واسع ويحصر الحَكَمية في جميع الامور دون استثناء في ذات الله المقدّسة لأنّا نعلم أنّ مورد الآية لا يحدّد مفهوم الآية أبداً.
* * *
المستفاد جيّداً من الآيات العشر السالفة هو أنّ الحاكمية ونفوذ الحكم والأمر في عالم الوجود وفي عالم الشريعة مختصّ في ذات الله المقدّسة.
والحاكمية بمعنى التشريع وهكذا القضاء والحكومة بمعنى التنفيذ كلّها تنشأ منه تعالى ومن يرغب في التصدّي لبعض هذه الامور فلابدّ أن يكون ذلك بإذنه وأمره سبحانه.
غير أنّ الآيات المذكورة مختلفة ، فبعضها يلاحظ فروع الحاكمية كلّها وبعضها يلاحظ مسألة القضاء أو التشريع فقط ، ولكن المستفاد من المجموع هو مسألة (توحيد الحاكمية) بجميع أبعادها من هذه الآيات.
توضيحات
١ ـ حاكمية الله في المنطق العقلي
لا شكّ أنّ كلّ عارف بالله مقرّ بتوحيد الخالق يذعن بنفاذ أمره في عالم الوجود ، وعندما
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ٨ ، ص ٧.