وبقطع النظر عن مسألة مالكية الله وخالقيته لا يصلح أحد للتشريع أصلاً إلّامن كان خالقاً للإنسان وعالماً بكلّ متطلّباته الجسمية والروحية وغنيّاً عن كلّ شيء وكلّ إنسان ومنزّهاً عن كلّ خطأ واشتباه.
وواجبنا الوحيد هو تطبيق اصول القوانين الإلهيّة العامّة على مصاديقها وجعل الأحكام العامّة أحكاماً جزئية قابلة للتنفيذ.
* * *
٢ ـ الحكومة وديعة إلهيّة
من الآيات السابقة يستنتج بصورة جيّدة أنّ الحكومة وديعة إلهيّة ، وعلى الحكّام والمسؤولين العمل كنوّاب عن الله تعالى ، المفهوم من هذا الكلام هو وجوب رعاية أوامر المالك الأصلي للحكومة ، أي الله سبحانه وتعالى في جميع المجالات.
وقد خاطب الله عزوجل النبي داود عليهالسلام وهو ملك لأحد أوسع الحكومات في التاريخ البشري : (يَادَاوُدُ انَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ). (ص / ٢٦)
إنَّ هذا التعبير يشير من جهة إلى أنّ الحكومة وديعة ، وإلى المنهج والطريقة للحكومة الإلهيّة الشرعية والصحيحة من جهة اخرى.
* * *
٣ ـ شرعية الحكومات تستمد من الله فقط
في الإسلام والرؤية التوحيدية تُنصب الحكومة من الأعلى وليس من الأسفل ، أي من قبل الله عزوجل لا من قبل الناس ، ويضمن الجانب الاجتماعي لها بأمره أيضاً.
توضيح ذلك : إنّ إحدى الفوارق الواضحة بين الرؤية التوحيدية وبين الرؤية المشوبة بالشرك في قضيّة الحكومة هي أنّ الموحّد يعتقد أنّ الحكومة في جميع أبعادها (التشريعية