بمعنى طاعة الأمر لا الركوع والسجود.
أين أخذ الله تعالى هذا العهد من بني آدم؟ فسّره البعض بأنّه (عالم الذرّ) وفسّره بعض أنّه وصايا الأنبياء لأقوامهم ، ولكن الظاهر أنّ الآية تشير إلى الوصايا التي تشبه العهد الذي كان لله تعالى عند هبوط آدم مع أولاده إلى الأرض ، وقد قامت هذه الآية بتبيان ذلك : (يَابَنِى آدَمَ لَا يَفَتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخرَجَ أبَوَيكُم مِّنَ الجَنَّةِ). (الاعراف / ٢٧)
وهكذا في خطابها لآدم وزوجته بقولها (انَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ). (الاعراف / ٢٢)
والآية ١١٧ من سورة طه تخاطب آدم عليهالسلام : (فَقُلنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدوٌّ لَّكَ وَلِزَوجِكَ). ومن المسلّم به أنّ مثل هذا العدو يكون عدوّاً لأبنائه أيضاً ، لأنّ مخالفته لم تكن مع آدم فقط بل مع جميع نسله ، ولذا أقسم من البداية : (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِى كَرَّمتَ عَلَىَّ لَئِن أَخَّرتَنِ الى يَومِ القِيَامَةِ لَأَحتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً). (الاسراء / ٦٢)
وقوله الله تعالى : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الُمخْلَصِينَ). (ص / ٨٢ ـ ٨٣)
* * *
توضيحان
١ ـ الله تعالى هو المطاع المطلق
من مجموع الآيات السابقة يستفاد جيّداً أنّ الله تعالى وحده هو (واجب الطاعة) في النظرية الإسلامية وفي المنظار القرآني وهكذا الذين تُعتبر طاعتهم طاعة لله تعالى ، وكلّ طاعة وتسليم أمام الأحكام والأوامر المخالفة لأمر الله يُعدّ لوناً من الشرك والوثنية في المنظار القرآني.
وعليه فإنّ لزوم طاعة النبي والأئمّه : والوالدين هو بأمر الله كما يقول القرآن : (وَمَا أَرسَلنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ). (النساء / ٦٤)
كما يمكن إثبات هذه المسألة بالدليل العقلي ، لأنّ المطاع المطلق هو من يكون عالماً