ولا حال ، لأنّ الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل ، فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث ، وفي كونه في الأزل دخوله في القدم ، ولن تجتمع صفة الأزل والحدوث والقدم والعدم في شيء واحد» (١).
* * *
٥ ـ حدوث العالم والقوانين العلمية الحديثة
لقد ثبت في البحوث العلمية الحديثة [خاصّة بحوث (الثرموديناميك) والقانون الثاني المعروف بقانون (الانتروبي) أو ما يسمى (بالكهولة) أو (الإضمحلال)] ثبت :
«أنّ الحرارة تنتقل من الأجسام الحارّة إلى الباردة دائماً ولا يحدث العكس بنفسه أبداً ، و (الانتروبي) في الحقيقة هي نسبة الطاقة التي لا يمكن الانتفاع بها إلى الطاقة القابلة للإنتفاع ، ومن ناحية ثانية نحنُ نعلم أنّ هذا الإنتقال والانتروبي في العالم في حالة تزايد ، فلو كان العالم أزليّاً لكانت الحرارة في الأجسام كلّها متساوية منذ عصور قديمة ولم تبق طاقة نافعة وبالتالي لم يتحقّق في العالم أي فعل أو تفاعل كيميائي ، ولاستحالت الحياة على الأرض ، لكنّنا نلاحظ بأنّ التفاعلات الكيميائية مستمرّة والحياة على الأرض ممكنة ، ولذا فإنّ العلوم تثبت البداية للعالم ـ دونما قصد ـ وبهذا تثبت ضرورة وجود الله نظراً إلى أنّ الحادث لا يحدث لوحده بل يحتاج إلى المحرّك الأوّل» (٢).
والطريق الآخر الذي سلكوه لإثبات الحدوث للعالم هو التحقيق في الأجسام (المشعّة) (وهي أجسام لها ذرّات غير مستقرّة وفي حالة اضمحلال وزوال مستمرّ حتّى تتبدّل إلى ذرّات مستقرّة ، ولها عدد ذرّي أكبر من ٨٠! وتكون على شكل أجسام ثقيلة وغير مستقرّة ، وفي حالة إشعاع ذرّي ، وكأنّها تلقي بنفاياتها إلى الخارج حتّى تتحوّل إلى عناصر مستقرّة.
إنَّ وجود هذه العناصر في الطبيعة دليل على أنّ العالم حادث وذو تاريخ ، وكما يقول
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٤٦ ؛ اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٧٧ باب حدوث العالم.
(٢) كتاب إثبات وجود الله ، لادوارد لوثر كيسل ، ص ٥٥ (باختصار طفيف).