وقد جاء في كتاب (العين) كلمة (فُقْرة) على وزن (نُقرة) بمعنى الحفرة التي يوجدها الإنسان في الأرض من أجل غرس الشتلات ، ومن الممكن أن يكون الأصل في (فقير) هو هذا المعنى وهو نشوء فجوة في حياته ، ومن المحتمل أن يكون استعمال هذا اللفظ في العمود الفقري وذلك لوجود التقعّرات فيه.
«غِنى» : من مادة (غِناء) وتعني عدم الإحتياج ويقابله الفقر ، ولذا ذكروا له هذه الموارد الأربعة في استعمالاته :
١ ـ الغنى بمعنى عدم الاحتياج إلى أي شيء وهذا مختصّ في الله سبحانه.
٢ ـ عدم النقص في مستلزمات الحياة.
٣ ـ الغنى وعدم احتياج النفس أي القناعة.
٤ ـ الاستغناء عن الله وهذا المعنى محال ، ولكن قد تخطر هذه الفكرة لدى بعض الناس وتكون سبباً للطغيان : (كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطغَى * أَنْ رَّءَاهُ استَغنَى). (العلق / ٦ ـ ٧)
ويقول ابن منظور في (لسان العرب) : «الغَناء» بالفتح : يعني المنفعة وغِناء بمعنى التطريب وغني (بلا مدّ) يعني الإستغناء وعدم الحاجة ، ومن الممكن أن يعتقد بوجود أصل مشترك بين هذه المعاني كلّها ويقول بأنّ الغناء يطلق عندما يرفع الإنسان صوته ويملأ به الجوّ كالأغنياء الذين لهم وفرة من المال والثروات!
* * *
حاجة الجميع إلى الله :
الآية الاولى تخاطب جميع الناس وبدون استثناء : (يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَراءُ إلَى اللهِ) ، إنّ «للفقر» هنا معانٍ واسعة وتشمل كلّ احتياج لأي شيء في الوجود ، فانّنا ومن أجل مواصلة حياتنا الماديّة بحاجة إلى ضوء الشمس ، والماء ، والهواء ، وأنواع من الغذاء والملبس والمسكن.
ومن أجل بقاء الحياة في أجسامنا نحن بحاجة إلى الأجهزة الداخلية من قلب وعروق