سؤالاً مستمرّاً بلسان المقال وبلسان الحال فانّهم كافّة من حيث حقائقهم الممكنة بمعزل عن استحقاق الوجود وما يتفرّع عليه من الكمالات بالمرّة بحيث لو انقطع ما بينهم من العناية الإلهيّة من العلائق لم يشمّوا رائحة الوجود أصلاً فهم في كلّ آن مستمرّون على الإستدعاء والسؤال» (١) من هنا يتّضح أنّ اعتقاد البعض بأنَّ السؤال يرتبط ب (الرزق) أو (الرحمة الإلهيّة) أو (متطلّبات الدين والدنيا) أو (العلم بعاقبة العمل وصلاح النفس وفسادها) فقط لا دليل عليه وإنْ اندرجت في المفهوم الواسع للآية.
* * *
توضيحات
١ ـ برهان الوجوب والإمكان من الناحية الفلسفية
وهو من البراهين القابلة للفهم ، حيث يمكن بيانه بلسان عامّة الناس ، وكذلك بواسطة التعبيرات والاصطلاحات الفلسفية الخاصة ، وبتعبير بسيط عندما نرجع إلى وجودنا نجد أنَّ وجودنا برمّته في حالة احتياج ولا يؤَمن الاحتياج من الداخل ، ومن أجل تأمين هذا الاحتياج يجب أن نمد الدنيا خارج وجودنا ، وكما يقول المثل كلما ازداد الغنى ازدادت الحاجة فكلّما تضاعفت قوّة الإنسان في الظاهر (ماديّاً أو معنويّاً) توسّعت دائرة احتياجاته ، فالطير في الصحراء يكتفي بقليل من الماء والحبّ وعشّ مؤلّف من بعض الأوراق ، في حين تحتاج حياة سلطان مقتدر إلى آلاف الحاجات ، وهكذا لوقارنا الحياة العلمية لمحقّق كبير بالنسبة لطالب مبتدىء.
ومن خلال ملاحظة هذا الاحتياج وبإلهام باطني يدرك الإنسان أنّ لهذا العالم مُبدئاً غنيّاً يتّجه الجميع إليه لنيل حوائجهم وهو الذي نطلق عليه (الله) تبارك وتعالى.
أمّا في العبارات الفلسفية وبحوث المتكلّمين فإنَّ الوجود يقسّم إلى قسمين : (ممكن) و (واجب).
__________________
(١) تفسير روح البيان ، ج ٩ ، ص ٢٩٩ ؛ وتفسير روح المعاني ، ج ٢٧ ، ص ٩٥.