ويقول الشاعر :
لم أسلم النفس للاسقام تبلغها |
|
إلّا لعلمي بأنّ الوصل يحييها |
نفس المحبّ على الآلام صابرةٌ |
|
لعلّ مسقمها يوماً يداويها |
قد يقال : إنّنا نشاهد البناء باقياً بعد موت بانيه فكيف إذن تستغني الأفعال عن الفاعل في بقائها؟
فنقول : إنّ ذلك يحصل بسبب حلول علّة محلّ علّة اخرى ، ففي البداية تقوم يد البنّاء الماهر بوضع لبنة على لبنة اخرى ثمّ يبقى البناء مستقرّاً بفضل جاذبية الأرض وعوامل الإلتصاق من جصّ وإسمنت.
وباختصار ، أنّ وجود (الممكن) وجود ارتباطي ولا يستمرّ دون الإتّكال على وجود مستقلّ ، وعليه فإنّ تعريف معنى الوجود الإرتباطي كافٍ في التعرّف على الوجود المستقلّ دون الحاجة إلى بحوث واسعة في «الدور والتسلسل» (تأمّل جيّداً).
يُستبطن في مفهوم الوجود الإرتباطي والتبعي معنى الإستناد إلى واجب الوجود فهل للوجود الإرتباطي معنى دون الوجود المستقلّ؟
* * *
٢ ـ برهان الغنى والفقر في الروايات الإسلامية
نقرأ في دعاء الإمام الحسين عليهالسلام يوم عرفة ـ وهو من أعمق وأثرى الأدعية الواردة عن المعصومين : ـ خاصّة في بحث التوحيد إذ يقول عليهالسلام :
كيف يُستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المُظهِر لك؟ (١).
ونقرأ في موضع آخر من الدعاء نفسه :
«إلهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيراً في فقري؟!».
__________________
(١) يستفاد من هذه الجملة في (برهان الصدّيقين) أيضاً فيشار إليها في بحثه إن شاء الله.