جمع الآيات وتفسيرها
استجواب عجيب!
لقد جاءت الآيات المذكورة أعلاه ضمن تسع آيات في سورة (الطور) ، ووردت في نطاق ١١ سؤال على صورة الإستفهام الإستنكاري.
وهذه الآيات تضع الإنسان أمام مجموعة من الأسئلة المتسلسلة العجيبة ثمّ تسدّ عليه طريق الفرار كي يذعن للحقّ.
وتتابع هذه الأسئلة الأحد عشر ثلاثة أهداف مهمّة هي :
إثبات التوحيد ، المعاد ، ورسالة نبي الإسلام ، غير أنّ الأساس فيها يتمحور حول توحيد الخالق المعبود.
الآية الاولى من الآيات الثلاث التي تقدّمت تقول : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيرِ شَىءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ).
وبعبارة اخرى : إنّ كلّ إنسان لا شكّ في أنّه مخلوق وحادث ولا يخرج من ثلاث حالات : امّا مخلوق من دون علّة أو هو علّة وجوده أو أنّ علّته هو الوجود الأزلي والأبدي وهو الله سبحانه.
وبما أنّ الاحتمالين الأوّل والثاني لا يتوافقان مع العقل والوجدان فالاحتمال الثالث هو الثابت حتماً ، ولذا ذكر الإحتمالين الأوّل والثاني بصيغة «الإستفهام الإستنكاري» ، وحينما ينفيهما العقل والوجدان ، يثبت الاحتمال الثالث لا محالة.
هذا جوهر الاستدلال الشهير ب (العلّة والمعلول) حيث يعرض في جملتين قصيرتين ومركّزَتَيْنِ ذات معنى واسع.
وقد يبرز هنا احتمال رابع وهو أن يكون الإنسان معلولاً لعلّة اخرى وهذه العلّة معلولة لعلّة اخرى وهكذا تستمرّ هذه السلسلة إلى ما لا نهاية.
وهذا الاحتمال يبرز لدى الفلاسفة عادةً وليس لعامّة الناس ، ولعلّ الآية لم تذكره لهذا السبب.