المقدمة
الطرق إلى الله ... :
كما ورد في بداية هذا الكتاب فإنّ هناك حبلاً ممتداً من أعماق قلب كل إنسان متصلاً بالله عزوجل ، فتنطلق في روضةِ روح كلِ انسانٍ انشودةٌ تعبر عن هذا الإرتباط ، ولهذا السبب ، ونظراً لكثرة النفوس الإنسانية ، فإنّ الطرق إلى الله لا حصر لها ، ولكلّ إنسان نوع خاص به من الإدراك والشعور بالنسبة لله سبحانه وتعالى.
ولكن مع كل هذه الاختلافات فإنّ وجهة الجميع واحدة ، العالم بأسره منقاد له ، وينمو في أعماقِ روحِ كلِ إنسانٍ برعم من معرفة ذاته وصفاته ، وتُزهر في قلب كل إنسانٍ زهرةٌ من أزهار معرفته.
ويرتفع دائماً من «الوادي الأيمن» نداءُ (إِنّى أَنا رَبُّكَ) ويدعو الفطرة السوية الكامنة في كل النفوس الإنسانية إليه بصوت : (فَاخْلَع نَعْليكَ إِنَّكَ بِالوَادِ المُقَدَّسِ طُوى). (طه / ١٢) يأمر الجميع بأن يسيروا بكل خضوع وخشوع واحترام وحذر شديد في الوادي المقدّس.
ويوصي جميع بني آدم بأن يعملوا بوصيته مثلما عملت مريم عليهاالسلام عندما أوصاها بقوله : (وَهزّى اليكِ بِجذْعِ النَّخْلةِ). (مريم / ٢٥)
فيهزّون الأغصان المثمرة لشجرة التوحيد لتتساقط عليهم ثمرات الإيمان والمعرفة الطيبة.
وأن لا يخشون أبداً من نيران شرك النمروديين ، وأن يكونوا إبراهيميين فيدخلونها بكل اطمئنان وهدوء ليطفئوا نيران الشرك المحرقة ويحيلونها إلى روضة للتوحيد.
وأن يركبوا في سفينة المعرفة المنجية كما ركبها نوح ، ليُغرق كل الذين يدعون ويلهجون بغيره ـ حتّى الكنعانيين منهم ـ.